قِيمَتُها، كما لو عَمِلَ لِنَفْسِه. وقال القاضي: معناه أنَّه يَرْجِعُ عليه بالأجْرِ الذي أخَذَه مِنَ الآخَرِ؛ لأنَّ مَنافِعَه في هذه المُدَّةِ مَمْلُوكَةٌ لغيرِه، فما حَصَل في مُقابَلَتِها يكونُ للذي اسْتَأْجَرَه.
فصل: يجوزُ الاستِئجارُ لِاسْتِيفاءِ القِصاصِ، في النَّفْسِ وما دُونَها. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ في النَّفْسِ؛ لأنَّ عَدَدَ الضَّرَباتِ يَخْتَلِفُ، ومَوْضِعُ الضَّرَباتِ غيرُ مُتَعَيَّنٍ، إذْ يُمْكِنُ أن يَضْرِبَ ممَّا يَلِي الرَّأْسَ، وممّا يَلي الكَتِفَ، فكان مَجْهُولًا. ولَنا، أنَّه حَقٌّ يجوزُ التَّوْكِيلُ في اسْتِيفائِهِ، لا يَخْتَصُّ فاعِلُه بكَوْنِه (١) مِن أهْلِ القُرْبَةِ، فجازَ الاسْتِئْجارُ عليه، كالقِصاصِ في الطَّرفِ. وقولُه: إنَّ عَدَدَ الضَّرَباتِ يَخْتَلِفُ وهو مَجْهُولٌ. يَبْطُلُ بخِياطَةِ الثَّوْبِ، فإنَّ عَدَدَ الغَرَزاتِ مَجْهُولٌ. وقولُه: إن مَحَلَّه غيرُ مُتَعَيَّنٍ. قلنا: هو مُتَقارِبٌ، فلا يَمْنَعُ ذلك صِحَّتَه، كمَوْضِعِ الخِياطةِ مِن حاشِيَةِ الثَّوْبِ.
فصل: ويجوزُ أن يَسْتَأْجِرَ سِمْسارًا يَشْتَرِي له ثِيابًا. ورَخَّصَ فيه ابنُ سِيرِينَ، وعَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ. وكَرِهَه الثَّوْرِيُّ، وحَمّادٌ. ولَنا، أنَّها مَنْفَعَةٌ مُباحةٌ تجوزُ النِّيابةُ فيها، فجازَ الاسْتِئْجارُ عليها، كالبِناءِ. وتجوزُ على مُدَّةٍ مَعْلُومةٍ، مثلَ أن يَسْتَأْجِرَه عَشَرَةَ أيامٍ يَشْتَرِي له فيها؛ لأنَّ المُدَّةَ مَعْلُومةٌ، والعَمَلَ مَعْلُومٌ، فأشْبَهَ الخَيّاطَ والقَصّارَ. وإن عَيَّنَ العَمَلَ دُونَ الزَّمانِ، فجَعَلَ له مِن كلِّ ألْفِ دِرْهَمٍ شَيئًا مَعْلُومًا، صَحَّ أيضًا. وإن