قال: كُلَّما اشْتَرَيتَ ثَوْبًا فلَكَ دِرْهَمٌ أجْرًا. وكانتِ الثِّيابُ مَعْلُومةً بِصِفَةٍ، أو مُقَدَّرَةً بثَمَنٍ، جازَ، وإن لم تَكُنْ كذلك، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّ الثِّيابَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ أثْمانِها، والأَجْرُ يَخْتَلفُ باخْتِلافِها. فإن اشْتَرَى فله أجْرُ مِثْلِه. وهذا قولُ أبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّه عَمِلَ عَمَلًا بِعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ له، فكان له أجْرُ المِثْلِ، كسائِرِ الإِجاراتِ الفاسِدَةِ.
فصل: وإنِ اسْتَأْجَرَه لِيَبِيعَ له ثِيابًا بِعَينِها، صَحَّ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ ذلك يتَعَذَّرُ عليه، فأشْبَهَ ضِرابَ الفَحْلِ، وحَمْلَ الحَجَرِ الكَبِيرِ. ولَنا، أنَّه عَمَلٌ مُباحٌ مَعْلُومٌ، تجوزُ النِّيابةُ فيه، فجازَ الاسْتِئْجارُ عليه، كَشِراءِ الثِّيابِ؛ ولأنَّه يجوزُ الاسْتِئْجارُ عليه مُقَدَّرًا بزَمَنٍ، فجاز مُقَدَّرًا بالعَمَلِ، كالخِياطَةِ. وقولُهم: إنه يتَعَذَّرُ. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّ الثِّيابَ لا تَنْفَكُّ عن راغبٍ فيها، ولذلك صَحَّتِ المُضارَبةُ، ولا تكونُ إلَّا بالبَيعِ والشِّراءِ، بخِلافِ ما قاسُوا عليه، فإنَّه يتَعَذَّرُ. وإنِ اسْتَأْجَرَه على شِراءِ ثِيابٍ مُعَيَّنةٍ من رَجُلٍ مُعَيَّنٍ، [أو على بيعِها مِن رجلٍ مُعَيَّنٍ](١)، احْتَمَلَ أن لا يَصِحَّ؛ لأنَّه قد يتَعذَّرُ، لامْتِناعِ صاحِبِها مِنَ البَيعِ، فيَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُ العَمَلِ بحُكْمِ الظاهِرِ، بخِلافِ البَيعِ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ؛ لأَنه مُمْكِنٌ في الجُملةِ، فإن حَصَل مِن ذلك شيءٌ، اسْتَحَقَّ الأجْرَ، وإلَّا بَطَلَتِ الإِجارَةُ، كما لو لَمْ يُعَيِّنِ البائِعَ ولا المُشْتَرِيَ.