صَحِيحٌ. وفي حَدِيثِ أبي سعيدٍ أنَّ رَجلًا رَقَى رَجُلًا بِفاتِحَةِ الكِتابِ على جُعْلٍ، فَبَرأ، وأخَذَ أصحابُه الجُعْلَ، فأتَوْا به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخْبَرُوه وسَألُوه، فقال:«لَعَمْرِي لَمَنْ أكَلَ بِرُقْيَةِ باطِلٍ، لَقَدْ أكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ، كُلُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ»(١). حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وإذا جازَ أخْذُ الجُعْلِ، جازَ أخْذُ الأجْرِ؛ لأنَّه في مَعْناه، ولأنَّه يجوزُ أخْذُ الرِّزْقِ عليه مِن بَيتِ المالِ، فجازَ أخْذُ الأجْرِ عليه، كبِناءِ المَساجِدِ، ولأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى الاسْتِنابةِ في الحَجِّ عَمَّنْ وَجَب عليه وعَجَز عن فِعْلِه، ولا يَكادُ يُوجَدُ مُتَبَرِّعٌ بذلك، فيُحْتاجُ إلى بَذْلِ الأجْرِ فيه. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، ما رَوَى عُثمانُ بنُ أبي العاصِ، قال: إنَّ آخِرَ ما عَهِدَ إليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أنِ
(١) أخرجه البخاري، في: باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، من كتاب الإجارة، وفي: باب فاتحة الكتاب، من كتاب فضائل القرآن، وفي: باب الرقى بفاتحة الكتاب، وباب النفث في الرقية، من كتاب الطب. صحيح البخاري ٣/ ١٢١، ٦/ ٢٣١، ٧/ ١٧٠، ١٧٣. ومسلم، في: باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، من كتاب السلام. صحيح مسلم ٤/ ١٧٢٧، ١٧٢٨. وأبو داود، في: باب كسب الأطباء، من كتاب البيوع، وفي: باب كيف الرقى، من كتاب الطب. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٧، ٢٣٨، ٣٤٠. والترمذي، في: باب ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ، من أبواب الطب. عارضة الأحوذي ٨/ ٢٢٣. وابن ماجه، في: باب أجر الراقي، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٢٩. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢، ١٠، ٤٤، ٨٣. أما قوله: «لعمرى لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق». فأخرجها أبو داود في قصة الرجل المعتوه، في: باب كسب الأطباء، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٨. وليست من رواية أبي سعيد.