فصل: ويجوزُ أن يَسْتَأْجِرَ مَن يَقْلَعُ ضِرْسَه؛ لأنَّها مَنْفَعةٌ مُباحَةٌ مَقْصُودَةٌ، فجاز ذلك عليها، كالخِتانِ. فإنْ أخْطَأَ فقَلَعَ غيرَ ما أُمِرَ بقَلْعِه، ضَمِنَه؛ لأنَّه مِن جِنايَتِه. وإن بَرَأ الضِّرْسُ قبلَ قَلْعِه، انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ؛ لأنَّ قَلْعَه لا يجوزُ. وإن لم يَبْرَأْ، لكنِ امْتَنَعَ المُسْتَأْجِرُ مِن قَلْعِه، لم يُجْبَرْ عليه؛ لأنَّ إتْلافَ جُزْءِ الآدَمِيِّ مُحَرَّمٌ في الأصْلِ، وإنَّما أُبِيحَ إذا صار بقَاؤُه ضَرَرًا، وذلك مُفَوَّضٌ إلى كلِّ إنْسانٍ في نَفْسِه إذا كان أهْلًا لذلك، فصاحِبُ الضِّرْسِ أعْلَمُ بمَضَرَّتِه ونَفْعِه وقَدْرِ ألَمِه.
فصل: قال، - رَضِيَ اللهُ عنه -: (وللمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفاءُ المَنْفَعَةِ بنَفْسِه وبِمثْلِه، [ولا يجوزُ بِمَن هو أكْثَرُ ضَرَرًا منه، ولا بِمَن يُخالِفُ ضَرَرُه ضَرَرَه) كلُّ مَن اسْتَأْجَرَ عَينًا لمَنْفَعَتِها فله أن يَسْتَوْفِيَ المَنْفَعَةَ بنَفْسِه وبِمثْلِه] (١). فإذا اكْتَرَى دارًا للسُّكْنَى فله أن يُسْكِنَها مثلَه؛ لأنَّه لم يَزِدْ على اسْتِيفاءِ حَقِّه، ولأنَّه حَقُّه، فجازَ أن يَسْتَوْفِيَه بنَفْسِه وبِوَكِيلِه إذا كان مِثْلَه