للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: فإنِ اكْتَرَاها (١) للزَّرْعِ وحدَه، ففيه أرْبَعُ مَسائِلَ؛ إحْداهُنَّ، اكْتَراها للزَّرْعِ مُطْلَقًا، أو قال: لِزَرْعِ (٢) ما شِئْتَ. فيَصِحُّ، وله زَرْعُ ما شاءَ. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ. وحُكِيَ عن ابنِ (٣) سُرَيجٍ أنَّه لا يَصِحُّ حتى يُبَيِّنَ الزَّرْعَ؛ لأنَّ ضَرَرَه يَخْتَلِفُ، فلم يَصِحَّ بدُونِ البَيانِ، كما لو لم يَذْكُرْ ما يَكْتَرِي له؛ مِن زَرْعٍ أو غَرْسٍ أو بِناءٍ. ولَنا، أنَّه يجوزُ اسْتِئْجارُها لأكْثَرِ الزَّرْعِ ضَرَرًا، ويُباحُ له جَمِيعُ الأنواعِ؛ لأنَّها دُونَه، فإذا عَمَّمَ أو أطْلَقَ، تَناوَلَ الأكْثَرَ، وكان له ما دُونَه، ويُخالِفُ الأجْناسَ المُخْتَلِفَةَ، فإنَّه لا يَدْخُلُ بعضُها في بعضٍ. فإن قِيلَ: فلو اكْتَرَى دابَّةً للرُّكُوبِ وَجَب تَعْيِينُ الرّاكِبِ. قلنا: لأنَّ إجارَةَ المَرْكُوبِ لأكْثَرِ الرُّكّابِ ضَرَرًا لا تجوزُ، بخِلافِ المَزْرُوعِ، ولأنَّ لِلْحَيَوانِ حُرْمَةً في نَفْسِه، فلم يَجُزْ إطْلاقُ ذلك فيه، بخِلافِ الأرْضِ. فإن قِيلَ: فلو اسْتَأْجَرَ دارًا للسُّكْنَى مُطْلَقًا، لم يَجُزْ أن يُسْكِنَها مَن يَضُرُّ بها، كالقَصّارِ والحَدّادِ، فلِمَ قُلْتُم: إنَّه يَجُوزُ أن يَزْرَعَها ما يَضُرُّ بها؟ قُلْنا: السُّكْنَى


(١) في م: «أكراها».
(٢) في م: «لتزرع».
(٣) في ر: «أبى».