للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا تَقْتَضِي ضَرَرًا، فلذلك مُنِعَ مِن إسْكانِ مَن يَضُرُّ بها؛ لأنَّ العَقْدَ لم يَقْتَضِه، والزَّرْعُ يَقْتَضِي الضَّرَرَ، فإذا أطْلَقَ كان راضِيًا بأكْثَرِه، فلهذا جازَ. وليس له أن يَغْرِسَ [ولا يَبْنِيَ في الأرْضِ] (١)؛ لأنَّ ضَرَرَه أكْثَرُ مِن المَعْقُودِ عليه.

المسألةُ الثانيةُ، اكْتَراها (٢) لِزَرْعِ حِنْطَةٍ أو نَوْعٍ بعَينِه، فإنَّ له زَرْعَ ما عَيَّنَه وما ضَرَرُه كضَرَرِه أو دُونَه، ولا يَتَعَيَّنُ ما عَيَّنَه في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ، إلَّا أهْلَ الظّاهِرِ، فإنَّهم قالوا: لا يجوزُ له زَرْعُ غيرِ ما عَيَّنَه، حتى لو وَصَف الحِنْطَةَ بأنَّها سَمْراءُ، لم يَجُزْ أن يَزْرَعَ بَيضاءَ؛ لأنَّه عَيَّنَه بالعَقْدِ، فلم يَجُزِ العُدُولُ عنه، كما لو عَيَّنَ المَرْكُوبَ، أو عَيَّنَ الدَّراهِمَ في الثَّمَنِ. ولَنا، أنَّ المَعْقُودَ عليه مَنْفَعَةُ الأرْضِ دُونَ القَمْحِ، ولهذا يَسْتَقِرُّ عليه الأجْرُ بمُضِيِّ المُدَّةِ إذا تَسَلَّمَ الأرْضَ ولم يَزْرَعْها. وإنَّما ذَكَر القَمْحَ لتَتَقَدَّرَ به المَنْفَعَةُ، فلم يَتَعَيَّنْ، كما لو اسْتَأْجَرَ دارًا لِيَسْكُنَها، فله أن يُسْكِنَها غيرَه. وفارَقَ المَرْكُوبَ والدَّراهِمَ في الثَّمَنِ، فإنَّه مَعْقُودٌ عليهما، فتَعَيَّنا، والمَعْقُودُ عليه ههُنا مَنْفَعةٌ مُقَدَّرَةٌ، وقد تَعَيَّنَتْ أيضًا، ولم يَتَعَيَّنْ ما قُدِّرَتْ


(١) في م: «في هذه الأرض ولا يبنى».
(٢) في م: «أكراها».