للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صِحَّةِ العَقْدِ مَعْرِفَةُ المُتَعاقِدَين المَعْقُودَ عليه؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، أشْبَهَ البَيعَ. فأمَّا الجَمّالُ فيَحْتاجُ إلى مَعْرِفةِ الرّاكِبَينِ بالرُّؤْيةِ أو بالصِّفَةِ؛ لأنَّ المَعْرِفَةَ بالصِّفَةِ تَقُومُ مَقامَ الرُّؤْيَةِ، إذا وَصَفَهُما بالطُّولِ والقِصَرِ، والهُزالِ والسِّمَنِ، والصِّغَرِ والكِبَرِ، والذُّكُورِيَّةِ والأنُوثِيَّةِ. وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطّابِ: لا يَكْفِي في ذلك الصِّفَةُ؛ لأنَّه يَخْتَلِفُ بثِقَلِه وخِفَّتِه، وسُكُونِه وحَرَكَتِه، ولا يَنْضَبِطُ بالوَصْفِ، فيَجِبُ تَعْيِينُه. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ. ولهم في المَحْمِلِ وَجْهٌ، أنَّه لا يُكْتَفَى فيه بالصِّفَةِ، ويَجِبُ تَعْيِينُه. ولَنا، أنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ مُضافٌ إلى حَيَوانٍ، فاكْتُفِيَ فيه بالصِّفَةِ، كالبَيعِ، وكالمَرْكُوبِ في الإِجارَةِ. ولأنَّه لو لم يُكْتَفَ فيه بالصِّفَةِ، لمَا جاز للرّاكِبِ أن يُقِيمَ غيرَه مُقامَه؛ لأنَّه إنَّما يَعْلَمُ كَوْنَه مِثْلَه لِتَساويهما في الصِّفاتِ، فما لا تَأْتِي عليه الصِّفاتُ، لا يَعْلَمُ تَساويَهما فيه. ولأنَّ الوَصْفَ يُكْتَفَى به في البَيعِ، فاكْتُفِيَ به في الإِجارَةِ، كالرُّؤْيَةِ. والتَّفاوُتُ بعد ذِكْرِ الصِّفاتِ يَسِيرٌ، تَجْرِي المُسامَحةُ فيه، كالمُسْلَمِ فيه. ويَحْتاجُ إلى مَعْرِفَتِه (١) الآلَةَ التي يَرْكَبانِ فيها، مِن مَحْمِلٍ ومَحارَةٍ وقَتَبٍ، وغيرِ ذلك. وهل يكونُ مُغَطّىً أو مَكْشوفًا؟ فإن كان مُغَطّىً، احْتاجَ إلى مَعْرِفَةِ الغِطاءِ. ويَحْتاجُ إلى مَعْرِفَةِ الوطاءِ، ومَعْرِفَةِ المَعالِيقِ التي معه، مِن قِرْبَةٍ وسَطِيحةٍ وقِدْرٍ وسُفْرَةٍ ونحوها، وذِكْرِ سائِرِ ما يَحْمِلُ معه. وبه قال الشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، إلَّا أنَّ الشافعيَّ قال:


(١) في م، تش: «معرفة».