يجوزُ إطْلاقُ غطاءِ المَحْمِلِ؛ لأنَّه لا يَخْتَلِفُ اخْتِلافًا كثيرًا مُتَباينًا. وحُكِيَ عنه في المَعالِيقِ قولٌ، أنَّه يجوزُ إطْلاقُها، ويُحْمَلُ على العُرْفِ. وحُكِيَ عن مالكٍ، أنَّه يجوزُ إطْلاقُ الراكِبينَ؛ لأنَّ أجْسامَ الناسِ مُتقارِبةٌ في الغالِبِ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قال: في المَحْمِلِ رَجُلانِ، وما يُصْلِحُهما مِن الوطَاءِ والدُّثُرِ. جاز اسْتِحْسانًا؛ لأنَّ ذلك يَتقارَبُ في العادَةِ، فحُمِلَ على العَادَةِ، كالمَعاليقِ. وقال القاضِي في غِطَاءِ المَحْمِلِ كَقَوْلِ الشافعيِّ. ولَنا، أنَّ هذا يَخْتَلِفُ وَيتَبايَنُ كثيرًا، فاشْتُرِطَتْ مَعْرِفَتُه، كالطَّعامِ الذي يَحْمِلُه معه. وقولُ مالكٍ: إنَّ أجسامَ الناسِ مُتقارِبةٌ. لا يَصِحُّ؛ فإنَّ منهم الكَبِيرَ والصَّغِيرَ، والطَّويلَ والقَصِيرَ، والسَّمِينَ والهَزِيلَ، والذَّكَرَ والأُنْثَى، ويَخْتَلِفُون بذلك، ويَتَبايَنُونَ كثيرًا. ويَتَفاوَتُون أيضًا في المَعالِيقِ؛ منهم مَن يُكْثِرُ الزّادَ والحَوائِجَ، ومنهم مَن يَقْنَعُ باليَسِيرِ، ولا عُرْفَ له يُرْجَعُ إليه، فاشْتُرِطَتْ مَعْرِفَتُه، كالمَحْمِلِ والأوْطِئَةِ. وكذلك غِطاءُ المَحْمِلِ، مِن الناسِ مَن يَخْتارُ الواسِعَ الثَّقِيلَ الذي يَشْتَدُّ على المَحْمِلِ (١) في الهَواءِ، ومنهم مَن يَقْنَعُ بالضَّيِّقِ الخَفِيفِ، فتَجِبُ مَعْرِفَتُه، كسائِرِ ما ذَكَرْنا. فإن رَأَى الرّاكِبَين أو وُصِفا له وذُكِر الباقِي بأرْطالٍ مَعْلُومَةٍ، جازَ. ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. وأمَّا الرّاكِبُ، فيَحْتاجُ إلى مَعْرِفَةِ الدّابَّةِ التي يَرْكَبُ عليها؛ لأنَّ الغَرَضَ يَخْتَلِفُ بذلك، ويَحْصُلُ بالرُّؤْيَةِ؛ لأنَّها أعْلَى طُرُقِ العِلْمِ، إلَّا أن يكونَ ممَّا