وهو قولُ بعضِ الشافعيَّةِ. وقال بعضُهم: يَضْمَنُ؛ لأَنه بعد انْقِضاءِ الإجارَةِ غيرُ مَأذُونٍ له في إمساكِه، أشْبَه العارِيَّةَ المُؤَقَّتَةَ بعدَ وَقْتِها. ولَنا، أنَّها أمانة، أشْبَهتِ الوديعَةَ، ولأنَّه لو وَجَب ضَمانُها لوَجَبَ رَدُّها. أمّا العارِيَّةُ فإنَّها مَضْمُونةٌ بكلِّ حالٍ، بخِلافِ مَسْألَتِنا، ولأنَّه يَجِبُ رَدُّها. ومتى طَلَبها صاحِبُها، وَجَب تَسْلِيمُها إليه، فإنِ امتَنَعَ مِن ذلك لغيرِ عُذْرٍ، صارَتْ مَضْمُونةً، كالمَغْصُوبةِ.
فصل: فإن شَرَط المُؤْجِرُ على المُسْتَأجِرِ ضَمانَ العَينِ، فالشّرطُ فاسِدٌ؛ لأنَّه يُنافِي مُقْتَضَى العَقْدِ، وتَفسُدُ به الإِجارَةُ، في أحدِ الوَجْهينِ، بِناءً على الشرُوطِ الفاسِدَةِ في البَيعِ. قال أحمدُ، فيما إذا شَرَط ضَمانَ العَينِ: الكِراءُ والضَّمانُ مَكْرُوهٌ. ورَوَى الأثْرمُ بإسْنادِه عن ابنِ عُمَرَ، قال: لا يَصلُحُ الكِراءُ بالضَّمانِ. وعن فُقَهاءِ المَدِينةِ أنَّهم كانوا يقولون: لا نُكْرِي بضَمانٍ، إلَّا أنَّه مَن شَرَط على كَرِيٍّ ألا يَنْزِلَ بمَتاعِه بَطْنَ وادٍ، أو لا يَسِيرَ به لَيلًا، مع أشْباهِ هذه الشرُوطِ، فتَعَدَّى ذلك، فتَلِف شيءٌ ممّا حَمَل في ذلك التَّعَدِّي، فهو ضامِنٌ. فأمّا غيرُ ذلك، فلا يَصِحُّ شَرطُ الضَّمانِ فيه، كان شَرَطَه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ ما لا يَجِبُ ضَمانه لا يَصِيرُ مَضْمُونًا بالشَّزطِ. وعن أحمدَ أنَّه سُئِلَ عن ذلك، فقال: