للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولابُدَّ أن يكونَ البِئْرُ فيها ماءٌ، فإن لم تَصِلْ إلى الماءِ، فهو كالمُتَحَجِّرِ الشّارِعِ في الإِحْياءِ، على ما نَذْكُرُه. وقَوْلُه: ومَن حَفَر بِئْرًا عادِيَّةً. يُحْمَلُ على البِئْرِ التي انْطَمَّتْ وذَهَب ماؤُها، فجَدَّدَ حَفْرَها وعِمارَتَها، أو انْقَطَعَ ماؤُها، فاسْتَخْرَجَه، ليكونَ ذلك إحْياءً لها. فأمَّا البِئْرُ التي لها ماءٌ يَنْتَفِعُ به المسلمون، فليس لأحَدٍ احْتِجارُه ومَنْعُه؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ المَعادِنِ الظّاهِرَةِ التي يَرْتَفِقُ بها النّاسُ، وهكذا العُيُونُ النّابِعَةُ، ليس لأحَدٍ أن يَخْتَصَّ بها. ولو حَفَر رجلٌ بِئْرًا للمسلمين يَنْتَفِعُونَ بها، أو يَنْتَفِعُ بها مُدَّةَ إقامَتِه عندَها ثمَّ يَتْرُكُها، لم يَمْلِكْها، وكان له الانْتِفاعُ بها، فإذا تَرَكَها كانت للمسلمين كلِّهم، كالمَعادِنِ الظّاهِرَةِ، وهو أحَقُّ بها ما دام مُقِيمًا عندَها؛ لأنَّه سابِقٌ إليها، فهو كالمُتَحَجِّرِ الشّارِعِ في الإِحْياءِ.

فصل: وإذا كان لإنْسانٍ شَجَرَةٌ في مَواتٍ، فله حَرِيمُها قَدْرَ ما تَمُدُّ إليه أغْصانَها حَواليها، وفي النَّخْلَةِ مَدُّ جَرِيدِها؛ لِما روَى أبو سعيدٍ قال: اخْتُصِمَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَرِيمِ نَخْلَةٍ، فأمَرَ بجَرِيدَةٍ مِن جَرائِدِها فَذُرِعَتْ، فكانت سَبْعَةَ أذْرُعٍ أو خَمْسَةَ أذْرُعٍ، فَقَضَى بذلك. رَواه أبو داودَ (١). وإن غَرَس شَجَرَةً في مَواتٍ، فهي له وحَرِيمُها، وإن سَبَق إلى شَجَرٍ مُباحٍ؛ كالزَّيتُونِ، والخَرُّوبِ، فسَقاه وأصْلَحَه، فهو له، كالمُتَحَجِّرِ الشّارِعِ في الإِحْياءِ، فإن طَعَمَه (٢) مَلَكَه


(١) في: باب أبواب من القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٨٤.
(٢) في الأصل: «ركبه».