للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بذلك وحَرِيمَه؛ لأنَّه تَهَيَّأَ للانْتِفاعِ به لِما يُرادُ منه، فهو كسَوْقِ الماءِ (١) إلى الأرْضِ المَواتِ، ولقولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أحَقُّ بِهِ» (٢).

فصل: ومَن كانت له بِئْرٌ فيها ماءٌ، فحَفَرَ آخَرُ قَرِيبًا منها بِئْرًا يَنْسَرِقُ إليها ماءُ البِئْرِ الأُولَى، فليس له ذلك، سَواءٌ كان مُحْتَفِرُ الثانيةِ في مِلْكِه؛ مثلَ رَجُلَين مُتَجاورَين في دارَين، حَفَر أحَدُهما في دارِه بِئْرًا، ثمَّ حَفَر (٣) الآخَرُ بِئْرًا أعْمَقَ منها، فسَرَى إليها ماءُ الأُولَى، أو كانتا في مَواتٍ، فسَبَق أحَدُهما فحَفَرَ بِئْرًا، ثمَّ جاء آخَرُ فحَفَر قَرِيبًا منها بِئْرًا تَجْتَذِبُ ماءَ الأُولَى. ووافَقَ الشافعيُّ في هذه الصُّورَةِ الثانيةِ؛ لأنَّه ليس له أن يَبْتَدِئَ مِلْكَه على وَجْهٍ يَضُرُّ بالمالِكِ قبلَه. وقال في الأُولَى: له ذلك؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ مُباحٌ في مِلْكِه، فجازَ له فِعْلُه، كتَعْلِيةِ دارِه. وهكذا الخِلافُ في كلِّ ما يُحْدِثُه الجارُ ممَّا يَضُرُّ بجارِه، مثلَ أن يَجْعَلَ دارَه مَدْبَغَةً أو حَمّامًا يَضُرُّ بعَقارِ جارِه بِحَمْي نارِه ورَمادِه ودُخَانِه، أو يَحْفِرَ في أصْلِ حائِطِه حُشًّا (٤) يتَأَذَّى جارُه برائِحَتِه وغيرِها، أو يَجْعَلَ دارَه مَخْبِزًا في وَسَطِ العَطّارِين، ونحوه ممَّا يُؤْذِي جارَه. وقال الشافعيُّ: له ذلك كلُّه. ورُوِيَ ذلك عن أحمدَ. وهو قولُ بعضِ الحَنَفِيَّةِ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ مُباحٌ في مِلْكِه، أشْبَهَ بِناءَه ونَقْضَه. ولَنا،


(١) في م: «المال».
(٢) تقدم تخريجه في ٥/ ٢٩١.
(٣) سقط من: م.
(٤) الحش: بيت الخلاء.