للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أُخْرَى. فإن أراد أحَدُهم أن يُجْرِيَ ماءَه في ساقِيَةِ غيرِه ليُقاسِمَه في مَوْضِعٍ آخَرَ، لم يَجُزْ بغيرِ رِضَاه؛ لأنَّه يَتَصَرَّفُ في ساقِيَتِه، ويَخْرُبُ حافَّتَها بغيرِ إذْنِه، ويَخْلِطُ حَقَّه بحقِّ غيرِه على وَجْهٍ لا يتَمَيَّزُ، فلم يَجُزْ ذلك. ويَجِئُ على قَوْلِنا: إنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ. أنَّ حُكْمَ الماءِ في هذا النَّهْرِ حُكْمُه في نَهْرٍ غيرِ مَمْلُوكٍ، وأنَّ الأسْبَقَ أحَقُّ بالسَّقي، ثمَّ الذي يَلِيه، على ما ذَكَرْنا. ومَذْهَبُ الشافعيِّ في هذا الفَصْلِ كلِّه على نحو ما ذَكَرْنا.

فصل: وإذا حَصَل نَصِيبُ إنْسانٍ في ساقِيَتِه (١)، فله أن يَسْقِيَ به ما شاءَ مِن الأرْضِ، سَواءٌ كان لها رَسْمُ شُرْبٍ مِن هذا النَّهْرِ أو لم يَكُنْ. وله أن يُعْطِيَه مَن يَسْقِي به. وقال القاضي، وأصحابُ الشافعيِّ: ليس له سَقْيُ أرْضٍ ليس لها رَسْمُ شُرْبٍ مِن هذا الماءِ؛ لأنَّ ذلك دالٌّ على أنَّ لها قَسْمًا مِن هذا الماءِ، فرُبَّما جُعِلَ (٢) سَقْيُها منه دَلِيلًا على اسْتِحْقاقِها لذلك، فيَسْتَضِرُّ الشُّرَكاءُ، ويَصِيرُ هذا كما لو كان له دارٌ بابُها في دَرْبٍ لا يَنْفُذُ، ودارٌ بابُها في دَرْبٍ آخَرَ، ظَهْرُها مُلاصِقٌ لظَهْرِ دارِه الأُولَى، فأراد تَنْفِيذَ إحْداهما إلى الأُخْرَى، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يَجْعَلُ لنَفْسِه اسْتِطْراقًا مِن كلِّ واحِدةٍ مِن الدّارَين. ولَنا، أنَّ هذا ماءٌ انْفَرَدَ باسْتِحْقاقِه، فكان له أن يَسْقِيَ منه ما شاء، كما لو انْفَرَدَ به مِن أصْلِه. ولا نُسَلِّمُ ما ذَكَرَه


(١) في م: «ساقية».
(٢) في الأصل: «حصل».