هذا مَنْ أخَذَه. وهو قولُ اللَّيثِ. وبه قال الحَسَنُ، فيما أخْرَجه، قال: وما نَضَبَ عنه الماءُ فهو لأهْلِه. وقال ابنُ المُنْذِرِ: يَرُدُّه على أصْحابِه، ولا شيءَ له. ويَقْتَضِيه قولُ الشافعيِّ، والقاضِي؛ لِما تَقَدَّمَ في الفَصْلِ قَبلَه. ويَقْتَضِي قولُ الإِمامِ أبي عبدِ اللهِ، أنَّ لمَن أنْقَذَه أجْرَ مِثْلِه؛ لِما ذَكَرْنا. قال شَيخُنا (١): ووَجْهُ ما ذَكَرْنا مِن الاحْتِمالِ أنَّ هذا مال ألْقَاهُ أصْحابُه فيما يتلَفُ ببَقائِه فيه اخْتِيارًا منهم، فمَلَكَه مَن أخَذَه، كالذي ألْقَوْه رَغْبَةً عنه، ولأنَّ فيما ذَكَرُوه تَحْقِيقًا لإتْلافِه، فلم يَجُزْ، كمُباشَرَتِه بالاتْلافِ. فأمّا إن انْكَسَرتِ السَّفِينَة، فأخرَجَه قوم. فقال مالِك: يَأخُذُ أصحابُ المَتاعِ مَتاعَهُم، ولا شيءَ للذين أصابُوه. وهذا قولُ الشافعيِّ، وابنِ المُنْذِرِ، والقاضِي. وعلى قِياسِ نَصِّ أحمدَ يكونُ لمُسْتَخْرِجِه ههُنا أجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ ذلك وَسيلة إلى تَخْلِيصِه وحِفْظِه لصاحِبه وصِيانَتِه عن الغَرَقِ، فإنَّ الغَوّاصَ إذا عَلِمَ أنَّه يُدْفَعُ إليه الأَجْرُ، بادَرَ إلى التَّخْلِيصِ ليُخَلِّصَه، وإن عَلِمَ أنَّه يُؤْخَذُ منه بغيرِ شيءٍ، لم يُخاطِرْ بنَفسِه في اسْتِخْراجِه، فيَنْبَغِي أن يُقْضَى له بالأجْرِ، كجُعْلِ رَدِّ الآبِقِ.
فصل: ذَكَرَ القاضِي فيما إذا الْتَقَطَ عَبْدًا صَغِيرًا، أو جارِيَةً، أنَّ قِياسَ المَذْهَبِ أَنه لا يُمْلَكُ بالتَّعْرِيفِ. وقال الشافعيّ: يُمْلَكُ العَبْدُ دونَ الجارِيَةِ؛ ولأن التَّمَلكَ بالتَّعْرِيفِ عندَه اقْتِراض، والجاريَةُ عندَه لا تُمْلَكُ بالقرْضِ. قال شيخُنا (١): وهذه المسألةُ فيها نَظَر؛ فإنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُوم