للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك عن طَاوُس، وبه قال الشافعيُّ. وقال مالكٌ: لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه رُوِيَ عن عُمَرَ، أنَّه قال لرجل وَجَد بَعِيرًا: أرْسِلْه حيث وَجَدْتَه. رَواه الأثْرَمُ (١). ولِما رُوِيَ عن جَرِيرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّه رَأى في بَقَرِه بَقَرة قد لَحِقَتْ بها، فأمَرَ بها فَطُرِدَتْ حتى تَوارَتْ (٢). ولَنا، أنَّها أمانَة حَصَلَتْ في يَدِه، لَزِمَه حِفْظُها، وتَرْكُها تَضْيِيعُها. فأمّا حَدِيثُ عُمَرَ، فهو في الضّالَّةِ التي لا يَحِلُّ أخْذُها. فإذا أخَذَه احْتَمَلَ أنَّ له رَدَّه إلى مكانِه، ولا ضَمانَ عليه؛ لهذه الآثارِ، ولأنَّه كان واجِبًا عليه تَرْكُه في مكانِه ابْتِداءً، فكان له ذلك بعد أخْذِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَبْرَأ مِن ضَمانِه برَدِّه؛ لأنَّه دَخَل في ضَمانِه، فلم يَبْرَأ برَدِّه إلى مكِانِه، كالمَسْرُوقِ، وما يَجُوزُ الْتِقاطُه. فعلى هذا، لا يَبْرأ إلَّا برَدِّه إلى الإِمامِ أو نائِبِه. وأمّا عُمَرُ فهو كان الإِمامَ، فإذا أمَر برَدِّه. فهو كأخْذِه منه. وحَدِيثُ جَرِير لا حُجَّةَ فيه؛ لأنَّه لم يَأخُذِ البَقَرَةَ، ولا أخَذَها غُلامُه، إنَّما لَحِقَتْ بالبَقَرِ مِن غيرِ فِعْلِه ولا اخْتِيارِه. كذلك (٣) يَلْزَمُه ضَمانُها إذا فَرَّط فيها؛ لأنَّها أمانَة، فهي كالوَدِيعةِ.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٩٧.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ١٩٧.
(٣) في م: «ولذلك».