فصل: فإن ضاعَتِ اللّقَطَةُ مِن مُلْتَقِطِها في حَوْلِ التَّعْرِيفِ بغيرِ تَفْرِيطٍ، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّها أمانة في يَدِه، فهي كالوَدِيعةِ. فإن الْتَقَطَها آخَرُ، فعَلِمَ أنَّها ضاعتْ مِن الأوَّلِ فعليه رَدُّها إليه؛ لأنَّه قد ثَبَت له حَقُّ التَّمَوُّلِ وَولايةُ التَّعْرِيفِ والحِفْظِ، فلا يَزُولُ بالضياعِ. فإن لم يَعْلَمِ الثّاني بالحالِ حتى عَرَّفَها حَوْلًا، مَلَكَها؛ لأنَّ سَبَبَ المِلكِ وُجِدَ منه مِن غيرِ عُدْوانٍ، فَثَبَتَ المِلْكُ به، كالأوَّلِ، ولا يَمْلِكُ الأوَّلُ انْتِزاعَها منه؛ لأنَّ المِلْكَ مُقَدَّمٌ على حَقِّ التَّملُّكِ. فإذا جاء صاحبُها أخَذَها مِن الثاني، وليس له مُطَالبةُ الأوَّلِ؛ لأنَّه لم يُفَرِّطْ. وإن عَلِمَ الثاني بالأوَّلِ، فرَدَّها إليه، فأبَى أخْذَها، وقالْ: عَرِّفْها أنت. فعرَّفَها، مَلَكَها أيضًا؛ لأنَّ الأوَّلَ تَرَك حَقَّه، فسَقَطَ. وإن قال: عَرِّفْها، ويكونُ مِلْكُها لي. ففَعَلَ، فهو نائِبُه في التَّعْرِيفِ، ويَمْلِكُها الأولُ؛ لأنَّه وَكَّلَه في التَّعْرِيفِ، فصَحَّ، كما لو كانتْ في يَدِ الأوَّلِ. وإن قال: عَرِّفْها، وتكونُ بَينَنا. ففَعَلَ، صَحَّ أيضًا، وكانتْ بينهما؛ لأنَّه أسْقَطَ حَقَّه مِن نِصْفِها، ووَكَّلَه في الباقِي. وإن قَصَد الثّاني بالتَّعْرِيفِ تَمَلُّكَها لنَفْسِه دُونَ الأوَّل، احْتَمَلَ وَجْهَين؛ أحدُهما، يَمْلِكُها الثّاني، لأنَّ سَبَبَ المِلْكِ وُجِدَ منه، فمَلَكَها، كما لو أذِنَ له الأوَّلُ في تَعْرِيفِها لنَفْسِه. والثّانِي، لا يَمْلِكُها؛ لأنَّ ولايةَ