للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أوْلَى. وإن كانت ثَمَّ قَرِينةٌ دالَّةٌ على أنَّ الآخِذَ للثِّيابِ إنَّما أخَذَها ظَنًّا منه أنّها ثِيابُه، مثلَ أن تكون المَتْروكَةُ مثلَ الأخُوذَةِ أو خيرًا منها، وهي مما تَشْتَبِهُ بها، فيَنْبَغِي أن يُعَرِّفَها ههُنا؛ لأنَّ صاحِبَها لم يَتْرُكْها عَمدًا، فهي بمَنْزِلَةِ الضّائِعَةِ. والظاهِرُ أنَّه إذا عَلِمَ بها أخَذها ورَدَّ ما كان أخَذَه، فتَصِيرُ كاللُّقَطَةِ في المعنَى، وبعدَ التَّعرِيفِ إذا لم تُعرَفْ، فَفِيها الأوْجُهُ الثلاثةُ المَذْكُورَةُ، إلَّا أنَّنا إذا قُلْنا: يأخُذُها أو يَبِيعُها الحاكِمُ ويَدفَعُ إليه ثَمَنَها. فإنَّما يأخُذُ بقَدرِ قِيمَةِ ثِيابِه مِن غيرِ زِيادَةٍ؛ لأنَّ الزّائِدَ فاضِلٌ عَمّا يَسْتَحِقُّه، ولم يَرضَ صاحِبُها بتَركِها عِوَضًا عَمّا أخَذَه، فإنَّه لم يأخُذْ غيرَها اخْتِيارًا منه لتَركِها، ولا رضِىَ بالمُعاوَضَةِ بها. وإذا قُلْنا: إنَّه يَنفَعُها إلى الحاكِمِ ليَبِيعَها ويَدفَعَ إليه ثَمَنَها. فله أن يَشْتَرِيَها عمَّا (١) في ذمَّتِه، في يسْقِطَ عنه مِن ثَمَنِها ما قابَلَ ثِيابَه، ويَتَصَدَقَ بالباقِي.

فصل: نَقَلَ الفَضْلُ بنُ زِيادٍ، عن أحمدَ، إذا تتازَعَ صاحِبُ الدّارِ والسّاكِنُ في دِفْنِ في الدّارِ، فقال كلٌّ مِنْهُما: أنا دَفَنْتُه. يُبَين كلُّ واحدٍ منهما ما الذي دَفنَ، فكُلُّ مَن أصابَ الوَصفَ فهو له، وذلك لأنَّ ما يوجدُ من الدَّفْنِ في الأرضِ ممّا عليه علامةُ السلمين، فهو لُقَطَة، واللُّقَطَةُ تُسْتَحَقُّ بوصفِها، ولأنَّ المُصِيبَ للْوَصفِ في الظّاهِرِ هو مَن كان ذلك في يَدِه، فكان أحَقَّ به، كما لو تَنازَعَهُ أجْنَبِيّان، فوَصَفَه أحَدُهما.

فصل: ومَنْ وَجَد لُقَطَةً في دارِ الحربِ، فكان في جَيشٍ، فقال


(١) في م: «بثمن».