للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وإن شَرَط في الوَقْفِ أن يُخْرِجَ مَن شاءَ مِن أهْلِ الوَقف، ويُدْخِلَ مَن شاءَ مِن غيرِهم، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه شَرْط يُنافِي مُقْتَضَى الوَقف فأفْسَدَه، كما لو شَرَط أن لا يَنْتَفِعَ به. فأمّا إن شَرَط للنّاظِرِ أن يُعْطِيَ مَن يَشاءُ مِن أهْلِ الوَقف، ويَمْنَعَ مَن يشاءُ، جاز؛ لأنَّ ذلك ليس بإخْراجٍ للمَوْقُوفِ عليه مِن الوَقْف، وإنَّما عَلَّقَ اسْتِحْقاقَ الوَقْف بصِفَةٍ، فكأنّه جَعَل له حَقًّا في الوَقْفِ إذا اتَّصَفَ بإرادَةِ النّاظِرِ عَطِيَّتَه، ولم يَجْعَلْ له حَقا إذا انتَفتْ تلك الصِّفَةُ فيه، فأشْبَهَ ما لو وَقَفَه على المُشْتَغِلِين بالعِلْمِ مِن وَلَدِه، فإنَّه يَسْتَحِقُّ منهم مَن اشْتَغلَ دُونَ مَن لم يَشْتَغِلْ، فمتى تَرَك المُشْتَغِلُ الاشْتِغال، زال اسْتِحْقاقُه، فإن عاد إليه عاد اسْتِحْقاقُه.

فصل: إذا جَعَل عُلْوَ دارِه مَسْجِدًا دُونَ أسْفَلِها، أو أسْفَلَها دُونَ عُلْوها، صَحَّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ، لأنَّ المَسْجِدَ يَتْبَعُه هَواؤه. ولَنا، أنَّه يَصِحُّ بَيعُها كذلك، فصَحَّ وَقْفُها، كالدّارِ جَمِيعِها، ولأنَّه تَصَرُّفٌ يُزِيلُ المِلْكَ إلى مَن يَثْبُتُ له حَقُّ الاسْتِقْرارِ والتَّصَرُّفِ، فجاز فيما ذكَرْنا، كالبَيع.

فصل: فإن جَعَل وَسَطَ دارِه مَسْجِدًا، ولم يَذْكُرْ الاسْتِطْراقَ، صَحَّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ حتى يَذْكُرَ الاسْتِطْراقَ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ يُبِيحُ الانْتِفاعَ، مِن ضَرُورَتِه الاسْتِطْراقُ، فصَحَّ وإن لم يَذْكُرْه، كما لو أجَرَ بَيتًا مِن دارِه.