للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ. فإن كان المَوْهُوبُ ممّا يَفْتَقِرُ إلى قَبْض، اكْتُفِيَ بقَوْلِه: قد وَهَبْتُ هذا لابنِي، وقَبَضْتُه له. لأنه يُغْني عن القَبُولِ، كما ذَكَرْنا. ولا يَكْفِي قَوْلُه: قد قَبِلْتُه. لأن القَبُولَ لا يُغْنِي عن القَبْضِ. وإن كان ممّا لا يَفْتَقِرُ، اكْتُفِي بقَوْلِه: قد وَهَبْتُ هذا لابني. ولا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ قَبْضٍ ولا قَبُولٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ الفقَهاءُ على أن هِبَةَ الأبِ لوَلَدِه الصَّغِيرِ في حِجْرِه لا تَحْتاجُ إلى قَبْضٍ، وأنَّ الإشْهادَ فيها يُغْنِي عن القَبْضِ، وإن وَلِيهَا أبوه؛ لِما رَواه مالِكٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابنِ المُسَيَّبِ، أنَّ عُثْمانَ قالْ: مَن نَحَل وَلَدًا له صَغِيرًا لم يَبْلُغْ أن يَحُوزَ نِحْلَةً، فأعْلَنَ ذلك وأشْهَدَ على نَفْسِه، فهي جائِزَةٌ، وإن وَلِيَها أبُوه (١). وقال القاضي: لابُدَّ في هِبَةِ الوَلَدِ مِن أن يقولَ: قَبِلْتُه. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ الهِبَةَ عندَهم لا تَصِحُّ إلَّا بالإِيجابِ والقَبُولِ. وقد ذَكَرْنا مِن قبلُ أنَّ قَرائِنَ الأحْوالِ ودَلالتَها تُغْنِي عن لَفظِ القَبُولِ، ولا أدَلَّ على القَبُولِ مِن كونِ القابلِ هو الواهِبَ، فاعْتِبارُ لَفْظٍ لا يُفِيدُ مَعْنًى مِن غيرِ وُرُودِ الشَّرْعِ به تَحَكُّمٌ لا مَعْنَى له، مع مُخالفَتِه لظاهِرِ حالِ أمْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصحابتِه. وليس هذا مَذْهَبًا لأحمدَ، فقد قال، في رِوايَةِ حَرْبٍ، في رجلٍ أشْهَدَ بسَهْمٍ مِن ضَيعَتِه، وهي مَعْرُوفَةٌ، لأبيه، وليس له وَلَدٌ غيرَه، فقال: أُحِبُّ أن يقولَ عندَ الإشْهادِ: قد قَبَضْتُه له. قِيلَ (٢) له: فإن سَهَا. قال: إذا كان مُفْرَزًا رَجَوْتُ. فقد ذَكَر أحمدُ أنَّه يُكْتَفَى بقَوْلِه:


(١) أخرجه البيهقي، في: باب يقبض للطفل أبوه، من كتاب الهبات. السنن الكبرى ٦/ ١٧٠.
(٢) في م: «قال».