للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد قَبَضْتُه له. وأنَّه يَرْجُو أن يُكْتَفَى مع التَّمْيِيزِ بالإشْهادِ فحَسْبُ. وهذا مُوافِقٌ للإجْماعِ المَذْكُورِ عن سائِرِ العُلَماءِ. وقال بعضُ اُصحابِنا: يُكْتَفَى بأحَدِ لَفْظين، إمّا أن يقولَ: قد قَبِلْتُه. أو: قد قَبَضْتُه. لأنَّ القَبُولَ يُغْنِي عن القَبْضِ. وظاهِرُ كَلامِ أحمدَ ما ذَكَرْناه. ولا فَرْقَ بينَ الأثْمانِ وغيرِها فيما ذكَرْنا. وبه يقولُ أبو حنيفةَ، والشافعي. وقال مالِكٌ: إن وَهَب له ما لا يُعْرَفُ بعَينه؛ كالأثْمانِ، لم يَجُزْ، إلَّا أن يَضَعَها على يَدِ غيرِه؛ لأنَّ الأبَ قد يُتْلِفُ ذلك، أو يَتْلَفُ بغيرِ سَبَبه، فلا يُمْكِنُ أن يُشهِدَ على شيءٍ بعَينه، فلا يَنْفَعُ القَبْضُ شيئًا. ولَنا، أنَّ ذلك ممّا يَصِحُّ هِبَتُه، فإذا وَهَبَه لابنِه الصَّغِيرِ وقَبَضَه له، صَحَّ، كالعُرُوضِ.

فصل: فإن كان الواهِبُ للصَّبِيِّ غيرَ الأبِ مِن أوْلِيائِه، فقال أصحابُنا: لابُدَّ أن يُوَكِّلَ مَن يَقْبَلُ للصَّبِيِّ ويَقْبِضُ له؛ ليكونَ الإِيجابُ منه، والقَبولُ والقَبْضُ مِن غيرِه، كما في البَيعِ، بخِلافِ الأبِ؛ فإنَّه يَجُوزُ أن يُوجِبَ ويَقْبَلَ ويَقْبضَ، لكَوْنِه يَجُوزُ أن يَبِيعَ لنَفْسِه. قال شيخُنا (١). والصَّحِيحُ عندِي أنَّ الأبَ وغيرَه في هذا سَواءٌ؛ لأنَّه عَقْدٌ يَجُوزُ أن يَصْدُرَ منه ومِن وَكِيلِه، فجاز أن يَتَولَّى طَرَفَيه، كالأبِ. وفارَقَ البَيعَ؛ فإنَّه لا (٢) يَجُوزُ أن يُوَكِّلَ مَن يَشْتَرِي له، ولأنَّ البَيعَ عَقْدُ مُعاوَضَةٍ ومُرابَحَةٍ، فيُتَّهَمُ في عَقْدِه لنَفْسِه، والهِبَةُ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ لا تهْمةَ فيها، وهو وَلِيٌّ، فجاز


(١) في: المغني ٨/ ٢٥٥.
(٢) سقط من: م.