للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن يتَوَلَّى طَرَفَي العَقْدِ، كالأبِ، ولأنّ البَيعَ إنَّما مُنِع منه لِما يَأْخُذُه مِن العِوَضِ لنَفْسِه مِن مالِ الصَّبِيِّ، وهو ههُنا يُعْطِي ولا يَأْخُذُ، فلا وَجْهَ لمَنْعِه مِن ذلك وتَوْقِيفِه على تَوْكِيلِ غيرِه، ولأننا قد ذَكَرْنا أنه يُستَغْنَى بالإيجابِ والإشْهادِ عن القَبْضِ والقَبُولِ، فلا حاجَةَ إلى التَّوْكِيلِ فيهما مع غِناه عنهما.

فصل: فأمّا الهِبَةُ مِن الصَّبِيِّ لغيرِه، فلا تَصِحُّ، سَواءٌ أذِنَ فيها الوَلِيُّ أو لم يَأْذَنْ؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه لِحَظِّ نَفْسِه، فلم يَصِح تَبَرُّعُه، كالسَّفِيهِ. فأمّا العَبْدُ فلا يَجُوزُ أن يَهَبَ إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه؛ لأنَّه مالٌ لسَيِّدِه، ومالُه مالٌ لسَيِّدِه، فلا يجوزُ له إزالةُ مِلْكِ سَيِّدِه عنه بغيرِ إذْنِه، كالأجْنَبِيِّ. وقد ذَكَرْنا في جَوازِ الصَّدَقَةِ مِن قُوتِه بالرَّغِيفِ ونحوه رِوايَةً أنَّ ذلك جائِزٌ، وذَكَرْنا دَلِيلَه في الحَجْرِ (١). وللعَبْدِ أن يَقْبَلَ الهَدِيَّةَ والهِبَةَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه. نَصَّ عليه أحمدُ، لأنَّه تَحْصِيل للمالِ للسَّيِّدِ، فلم يُعْتَبَرْ إذنه فيه، كالالتِقاطِ والاصْطِيادِ ونحوه.

فصل: والقَبْضُ في الهِبَةِ كالقَبْضِ في البَيعِ، وقد ذَكَرْنا ذلك والاخْتِلافَ فيه في كِتابِ البَيعِ، وهذا مَقِيسٌ عليه.


(١) انظر ما تقدم في ١٣/ ٤٢٩.