فصل: وإن خَلَّفَ ذا فَرْض لا يَرِثُ جَمِيعَ المالِ، كبنتٍ أو أُمٍّ، لم تكنْ له الوَصِيَّةُ بأكْثَرَ مِن الثُّلُثِ؛ لأنَّ سعدًا قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: لا يَرِثُنِي إلا ابنةٌ. فمَنَعَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن الزِّيادَةِ على الثُّلُثِ، ولأنَّها تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ المالِ بالفَرْضِ والرَّدِّ، فأشْبَهَ العَصَبَةَ. وإن كان للمَيِّتةِ زوجٌ، أو كان للرجلِ امرأة، فكذلك؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ تَنْقُصُ حَقَّه؛ لأنَّه إنَّما يَسْتَحِقُّ فرْضَه بعدَ الوَصِيَّةِ، لقولِ الله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَينٍ}(١). وقيل: تَبْطُلُ في قَدْرِ فرْضِه مِن الثلُثَين. فإذا كان للمَيتةِ زوجٌ، فله الثُّلُثُ، وإن كان للمَيِّتِ امرأة، فلها السُّدْسُ، وهو رُبْعُ الباقِي بعدَ الثُّلُثِ، والباقِي للمُوصَى له. وهذا أوْلَى، إن شاء الله تعالى؛ لأن الثلثَ ليس للوارِثِ فيه أمر، إنَّما إجازَتُه ورَدُّه في الثُّلُثَين، ولم يَنْقصْ عليه منهما شيء. فأمّا ذَوو الأرْحامِ، فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يمْنَعُ الوَصِيَّةَ بجَمِيعِ المالِ؛ لأنَّه قال: ومَن أوْصَى بجَمِيعِ مالِه ولا عَصَبَةَ له ولا مَوْلَى، فجائِزٌ. وذلك لأنَّ ذا الرَّحمِ إرْثُه كالفَضْلَةِ والصِّلَةِ، ولذلك لا يُصْرَفُ