للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحُكْمُ الوَصِيَّةِ للوارِثِ كالحُكْمِ في الوَصِيَّةِ لغَيرِه بالزِّيادَةِ على الثُّلُثِ، في أنَّها تَبْطُلُ بالرَّدِّ، بغيرِ خِلافٍ بينَ العُلَماءِ. قال ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ أهلُ العلمِ على هذا، وجاءتِ الأخْبارُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فرَوَى أبو أمامَةَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ الله قَدْ أعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». رواه أبو داودَ، وابنُ ماجه، والتِّرْمِذِيُّ (١). ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَنَع مِن تَفْضِيل بعضِ وَلَدِه على بعض في حالِ الصِّحَّةِ (٢)، مع إمْكانِ تَلافي العَدْلِ بينَهم بإعْطاءِ الذي لم يُعْطِه فيما بعدَ ذلك، لِما فيه مِن إيقاعِ العَداوَةِ والحَسَدِ بينَهم، ففي حالِ مَوْتِه وتَعَلُّقِ الحُقُوقِ به وتَعَذّرِ تَلافِي العَدْلِ بينَهم، أوْلَى وأحْرَى. فإن أجازَها باقي الوَرَثَةِ، جازَتْ، في قولِ الجُمْهُورِ مِن أهلِ العلمِ. وقال بعضُ أصحابِنا: الوَصِيَّةُ باطِلَةٌ وإن أجازَها الوَرَثَةُ، إلَّا أن يُعْطُوه عَطِيَّةً مُبْتَدَأةً. أخْذًا مِن ظاهِرِ قولِ أحمدَ، رَحِمَه الله، في رِوايَةِ حَنْبَلٍ: لا وَصِيَّةَ لوارِثٍ. وهذا قولُ المُزَنِيِّ، وأهلِ الظّاهِرِ، وقولٌ للشافعيِّ. واحْتَجُّوا بظاهِرِ قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا وَصِيَّةَ لِوارِثٍ».


(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٩٢.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٦٠.