وظاهِر مَذْهَبِ أحمدَ، والشافعيِّ، أنَّ الوَصِيَّةَ صحيحة في نَفْسِها؛ لأنَّه تَصَرُّف صَدَر مِن أهلِه في مَحَلِّه، فصَحَّ، كما لو وَصَّى لأجْنَبِي، والخَبَرُ قد رُوِيَ فيه:«إلَّا أن يُجِيزَ الورَثَةُ»(١). والاسْتِثْناءُ مِن النَّفْي إثْبات، فيكونُ ذلك دَلِيلًا على صِحَّةِ الوَصِيَّةِ عندَ الإِجازَةِ، ولو خلا مِن الاسْتِثْناءِ، جازَ أن يكونَ معناه: لا وصيةَ نافِذَةٌ أو لازمةٌ، أو ما أشْبَهَ هذا، أو يُقَدرُ فيه: لا وَصِيَّةَ لوارِثٍ عندَ عَدَمِ الإِجازَةِ مِن غيرِه مِن الوَرَثَةِ. وفائِدَةُ الخِلافِ أنَّ الوَصِيَّةَ إذا كانت صحيحةً، فإجازَةُ الوَرَثَةِ تنْفِيذٌ وإجازَةٌ مَحْضةٌ يَكْفِي فيها قولُ الوارِثِ: أجَزْتُ. وإن كانت باطِلَةً كانتِ الإِجازَةُ هِبَةً مُبْتَدَأةً. وسَنَذْكُرُ ذلك إن شاء اللهُ تعالى.
فصل: وإن أسْقَطَ عن وارِثِه دَينًا، أو وَصَّى بقَضاء دَينه، أو أسْقَطَتِ المرأةُ صَداقَها عن زوجِها، أو عَفا عن جِنايَةٍ مُوجَبُها المالُ، فهو كالوَصِيَّةِ
(١) أخرج هذه الزيادة الدارقطني، في: كتاب الفرائض، وفي: كتاب الوصايا. سنن الدارقطني ٤/ ٩٨، ١٥٢. والبيهقي، في: باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، من كتاب الوصايا. السنن الكبرى ٦/ ٢٦٤. وانظر تلخيص الحبير ٣/ ٩٢. وإرواء الغليل ٦/ ٩٦ - ٩٨.