فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هوَ لكَ يا عبدُ بنَ زَمْعَةَ، الولَدُ للفِراشِ، وللعاهِرِ الحَجَرُ». فقضى به لعبدِ بنِ زَمْعَةَ، وقال:«احْتَجِبي مِنْه يا سَوْدَةُ»(١). والمشهورُ عن أبي حنيفةَ، أنَّه لا يَثْبُتُ إلَّا بإقرارِ رجلينِ، أو رجل وامرأتين. وقال مالكٌ: لا يَثْبُتُ إلَّا بإقرارِ اثنين؛ لأنَّه يَحْمِلُ النَّسَبَ على غيرِه، فاعْتُبرَ فيه العددُ، كالشَّهادَةِ. والمشهورُ عن أبي يوسفَ، أنَّه لا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا باثنين، ذكرين كانا أو أُنْثَيَين، عَدْلَين أو غَيرِ عَدْلَين. ولَنا، أنَّه حقٌّ يَثْبُتُ بالإِقْرارِ، فلم يُعْتَبَرْ فيه العددُ، كالدَّينِ. ولأنَّه قولٌ لا تُعْتَبَرُ فيه العَدالةُ، فلا يُعْتَبَرُ فيه العددُ، كإقرارِ الموْرُوثِ، واعتبارُه بالشهادةِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لا يُعْتَبَرُ فيه اللفظُ ولا العدالةُ، ويَبْطُلُ بالإِقرارِ بالدَّينَ.
فصل في شروطِ الإِقْرارِ بالنَّسَبِ: لا يَخْلو إمَّا أن يُقِرَّ على نفسِه خاصَّةً، أو عليه وعلى غيرِه، فإن أقَرَّ على نفسِه، مثلَ أن يُقِرَّ بولدٍ، اعْتُبِرَ في ثُبوتِ نسبِهِ أربعةُ شروطٍ؛ أحدُها، أن يكونَ المُقَرُّ به مجهولَ النَّسبِ، فإن كان معروفَ النَّسبِ لم يصِحَّ؛ لأنَّه يَقْطَعُ نَسَبَه الثابتَ مِن غيرِه،