وجَعَلَ النِّصفَ في بيتِ المالِ. وعلى القولِ المَنْصُوصِ عن أحمدَ الذي ذكرَه الخِرَقِيُّ، إذا خَلَّفَ السَّائِبةُ مالًا، اشْتُرِيَ به رِقابٌ فَأعتِقُوا، فإن رَجَع مِن مِيراثِه شيءٌ، اشْتُرِيَ به أيضًا رِقابٌ فأُعتِقُوا. وإن خَلَّفَ السائبةُ ذا فَرضٍ لا يَسْتَغْرِقُ ماله، أخَذَ فرضَه، واشْتُرِيَ بباقِيه رِقابٌ فأعتِقُوا، ولا يُرَدُّ على أهلَ الفَرضِ.
فصل: فإن أعتَقَ مِن زَكَاتِه وعن كَفَّارَتِه أو نَذْرِه، فقال أحمدُ في الذي يُعتِقُ مِن زَكَاتِه: إن وَرِثَ منه شَيئًا جَعَلَه في مِثْلِه. وقال: هذا قولُ الحسنِ. وبه قال إسحاقُ. وعلى قياسِ ذلك العِتْقُ مِن الكَفَّارةِ والنذْرِ؛ لأنَّه واجب عليه. وقد رُوِيَ عن أحمدَ أنَّه قال في الذي يَعتِقُ في الزَّكاةِ: وَلاؤه للذي جَرَى عِتْقُه على يدَيه. وقال العَنْبَرِيُّ، ومالكٌ: وَلَاؤه لسائِرِ المسلمينَ، يُجْعَلُ في بيتِ المالِ. وقال أبو عُبَيدٍ: وَلاؤه لصاحب الصَّدَقَةِ. وهو قولُ الجمهورِ في العِتْقِ في النَّذْرِ والكَفَّارةِ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما الوَلَاءُ لمَنْ أعتَقَ». ولأنَّ عائشةَ، رَضِي اللهُ عنها، اشْتَرَت بَرِيرَةَ بشرطِ العِتْقِ، فأعتَقَتْها، فكان ولاؤها لها، وشرطُ العِتْقِ يُوجِبُه، ولأنَّه مُعتِقٌ