للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا يَصِحُّ العِتْقُ إلَّا مِن جائِزِ التَّصَرُّفِ، فلا يَصِحُّ عِتْقُ الصَّبِيِّ والمَجْنُونِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: هذا قولُ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم الحسنُ، والشَّعْبِيُّ، والزُّهْرِيُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي. وذلك لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتى يَسْتَيقِظَ» (١). ولأنَّه تَبَرُّعٌ بالمالِ، فلم يَصِحَّ منهما (٢) كالهِبَةِ. ولا يَصِحُّ عِتْقُ المَحْجُورِ عليه للسَّفَهِ. وهو قولُ القاسِمِ بنِ محمدٍ. وعنه، يَصِحُّ، قِياسًا على طَلاقِه وتَدْبِيرِه. ولَنا، أنَّه مَحْجور عليه في مالِه لحَظِّ نَفْسِه، فلم يَصِحَّ عِتْقُه، كالصَّبِيِّ، ولأنَّه تَصَرُّفٌ في المالِ في حياتِه، أشْبَهَ هِبَتَه وبَيعَه. ويُفارِقُ الطَّلاقَ؛ لأنَّ الحَجْرَ عليه في مالِه، والطَّلاقُ ليس بتَصَرُّفٍ فيه. ويُفارِقُ التَّدْبيرَ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ فيه بعدَ مَوْتِه وغِناه عنه بالمَوْتِ، ولهذا صَحَّتْ وَصِيَّتُه ولم تَصِحَّ هِبَتُه المُنْجَزَةُ. وعِتْقُ السَّكْرانِ مَبْنِيٌّ على طلاقِه، وفيه مِن الخِلافِ ما فيه. ولا يَصِحُّ عِتْقُ المُكْرَهِ، كما لا يَصِحُّ بَيعُه ولا تَصَرُّفاتُه، ولا يَصِحُّ عِتْقُ المَوْقُوفِ؛ لأنَّ فيه إبْطالًا لحقِّ البَطْنِ الثانِي منه، وليس له ذلك.


(١) تقدم تخريجه في ٣/ ١٥.
(٢) سقط من: م.