فصل: ولا يَصِحُّ العِتْقُ مِن غيرِ المالِكِ بغَيرِ إذْنِه، فلو أعْتَقَ عَبْدَ ولَدِه الصَّغِيرِ، أو يَتِيمِه الذي في حِجْرِه، لم يَصِحَّ. وبهذا قال الشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ: يَصِح عِتْقُ عبدِ وَلَدِه الصَّغِيرِ؛ لقَوْلِه، عليه الصلاة والسلامُ:«أنْتَ وَمَالُكَ لأبِيكَ»(١). ولأنَّ له عليه ولايةً، وله فيه حَقٌّ، فصَحَّ إعْتاقُهُ، كمالِه. ولَنا، أنَّه عِتْقٌ مِن غيرِ مالِكٍ، فلم يَصِحَّ، كإعْتاقِ عَبْدِ وَلَدِه الكَبِيرِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لمَّا وَرَّثَ الله الأبَ مِن مالِ ابْنِه السُّدْسَ مع وَلَدِه، دَلَّ على أنَّه لا حَقَّ له في سائِره. وقَوْلُه، عليه السلامُ:«أنْتَ وَمَالُكَ لأبِيكَ». لم يُزِدْ به حقيقةَ المِلْكِ، وإنَّما أرادَ المُبالغَةَ في وُجُوبِ حَقِّه عليكَ، وإمْكانِ الأخْذِ مِن مالِكَ، وامتِناعِ مُطالبتِك إياه بما أخَذَ منه، ولهذا لم يَنْفُذْ إعْتاقُه لعَبْدِ وَلَدِه الكَبِيرِ الذي وَرَد الخبرُ فيه، وثُبُوتُ الولايةِ له على مالِ وَلَدِه أبْلَغُ في امْتِناعِ إعْتاقِ عبدِه؛ لأنَّه إنَّما أثبَتَ الولايةَ عليه لحَظِّ الصَّبِيِّ؛ ليَحْفَظَ ماله عليه، ويُنَمِّيَه له،