للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بل أدَّينَا على السَّواءِ، فبَقِيَتْ لنا على الأكْثَرِ بَقِيَّةٌ. فمَن جَعَلَ العِوَضَ بينَهم على عَدَدِهم، قال: القولُ قولُ مَن يدَّعِي التَّسْويَةَ. ومَن جَعَلَ على كلِّ واحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِه، فعندَه فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، القولُ قولُ مَن يَدَّعِي التَّسْويَةَ؛ لأنَّ أيدِيَهم على المالِ، فيتَساوَوْن فيه. والثاني، قولُ مَن يدَّعِي أداءَ قَدْرِ الوَاجِبِ عليه، لأنَّ الظاهِرَ أنَّ الإِنسانَ لا يُؤَدِّي إلَّا ما عليه.

فصل: فإن جَنَى بَعْضُهم، فجِنايَتُه عليه دُونَ صاحِبِه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال مالكٌ: يُؤَدُّون كلُّهم أَرْشَه، فإن عَجَزُوا رقُّوا. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} (١). وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَجْني جَانٍ إلَّا على نَفْسِه» (٢). ولأنَّه لو اشتَرَكَ رجلان وتعاقَدا، لم يَحْمِلْ أحَدُهما جِنايَةَ صاحِبِه، فكذا ههُنا، ولأنَّ ما لا يَصِحُّ، لا يَتَضَمَّنُه عَقْدُ الكِتابةِ، ولا يَجِبُ على أحَدِهما بفِعْلِ الآخَرِ، كالقِصاصِ، وقد بَيَّنَّا أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما مُكاتَبٌ بقَدْرِ حِصَّتِه، فهو كالمُنْفَرِدِ بعَقْدِه.

فصل: إذا شَرَطَ المُكاتَبُ في كِتابَتِه أن يُوالِيَ مَن شاء، فالشَّرْطُ بَاطِلٌ، والوَلاءُ لِمن أعْتَقَ، لا نَعْلَمُ في بُطْلانِ الشَّرْطِ خِلافًا؛ لمَا رَوَتْ عائشةُ، رَضِيَ اللهُ عَنها، قالت: كانت في بَرِيرَةَ ثَلاثُ قَضِيَّاتٍ، أراد أهْلُها أن يَبِيعُوها ويَشْتَرِطُوا الوَلاءَ، فذكَرْتُ ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «اشْتَرِيها واشْتَرِطِي لهم الوَلاءَ، فإنَّما الوَلاءُ لمَن أعْتَقَ». فقامَ رسولُ


(١) سورة الأنعام ١٦٤، والإسراء ١٥، وفاطر ١٨، والزمر ٧.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٣١٤.