للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في النَّاسِ، فحَمِدَ الله وأثْنَى عليه، ثم قال: «أمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ أُناسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيسَتْ في كِتابِ اللهِ! مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا ليس في كِتابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وإنْ كانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللهِ أحَقُّ، وشَرْطُ اللهِ أوْثَقُ، وإنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ». مُتَّفَقٌ عليه (١). ولأنَّ الوَلاءَ لا يَصِحُّ نَقْلُه، بدليلِ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بَيعِ الوَلاءِ وهِبَتِه (٢). وقال: «إِنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ولأنَّه لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ، فلم يَصِحَّ اشْتِراطُه لغيرِ صاحِبِه، كالقَرابةِ، ولأنَّه حكمٌ للعِتْقِ، فلم يصِحَّ اشْتِراطُه لغيرِ (٣) المُعْتِقِ، كما لا يَصِحُّ اشْتِراطُ حُكْمِ النِّكاحِ لغيرِ (٣) النَّاكِحِ، ولا حُكْمِ البَيعِ لغيرِ العاقِدِ. وسَواءٌ شَرَطَ أنْ يُوَالِيَ مَن شاءَ، أو شَرَطَه لبائِعِه، أو لرجُلٍ آخَرَ بعَينِه. ولا تفْسُدُ الكتابةُ بهذا الشَّرْطِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال الشافعيُّ: تفْسُدُ به، كما لو شَرَطَ عِوَضًا مَجْهولًا. ويتَخَرَّجُ لنا مثلُ ذلك، بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدَةِ في البَيعِ. ولَنا، حديثُ بَرِيرَةَ، فإنَّ أهْلَها اشْتَرطُوا لهمُ الوَلاءَ، فأمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بشِرَائِها مع هذا الشَّرْطِ، وقال: «إِنَّما الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ويُفارِق جَهالةَ العِوَضِ، فإنَّه رُكْنُ العَقْدِ، لا يُمْكِنُ تصْحِيحُ العَقْدِ بدُونِه (٤)، ورُبَّما أفْضَتْ جَهالتُه إلى التَّنازُعِ والاخْتِلافِ، وهذا شَرْطٌ زائِدٌ، فإذا حَذَفْناه بَقِيَ العَقْدُ


(١) تقدم تخريجه في ١١/ ٢٣٤, ٢٣٥.
(٢) تقدم تخريجه في ١٨/ ٤٠١.
(٣) في الأصل: «كغير».
(٤) في م: «إلا به».