للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صَحِيحًا بحالِه. فإن قيلَ: المُرادُ بقولِه - عليه السلام -: «اشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاءَ». أي عليهم؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يأْمُرُ بالشَّرْطِ الفاسِدِ، واللَّامُ تُسْتَعْمَلُ بمعنى «على»، كقولِه تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (١). قُلْنا: لا يَصِحُّ؛ لثلاثَةِ وُجوهٍ؛ أحدُها، أنَّه يُخالفُ، وَضْعَ اللَّفْظِ والاسْتِعمال. والثاني، أنَّ أهْلَ بَرِيرَةَ أبَوْا هذا الشَّرْطَ، فكيفَ يأْمُرُها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بشرطٍ لا يَقْبَلُونَه؟ الثالثُ، أنَّ ثُبُوتَ الوَلاءِ لها لا يَحْتَاجُ إلى شَرْطٍ؛ لأنَّه مُقْتَضَى العِتْقِ وحُكْمُه. ولأنَّ في بَعْضِ الألْفاظِ: «لا يَمْنَعُكِ (٢) هذا الشَّرْطُ مِنْهَا، ابْتَاعِي وأعْتِقِي». وإنَّما أمَرَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالشَّرْطِ تَعْرِيفًا لنا أنَّ وُجودَ هذا الشَّرْطِ كعَدَمِه، وأنَّه لا يَنْقُلُ الوَلاءَ عن المُعْتِقِ.

فصل: فإن شَرَطَ السيدُ على المُكاتَبِ أن يَرِثَه دُونَ وَرَثَتِه، أو مُزَاحَمَتَهم في موارِيثِهم، فهو شَرْطٌ فاسِدٌ، في قَوْلِ عامَّةِ العُلَماءِ؛ منهم الحسنُ، وَعطاءٌ، وشُرَيحٌ، وعمرُ بنُ عبدِ العزِيزِ، والنَّخَعِيُّ، وإسحاقُ. وأجازَ إياسُ بنُ مُعاويَةَ أن يَشْرُطَ شَيئًا مِن مِيراثِه. ولا يَصِحُّ، لأنَّه يخالِفُ كتابَ اللهِ، وكُلُّ شَرْطٍ ليس في كتابِ اللهِ تعالى فهو باطِلٌ [بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -] (٣). وروَى سعيدٌ: ثنا هُشَيمٌ: ثنا (٤) منْصُورٌ، عن ابنِ


(١) سورة الإسراء ٧.
(٢) في م «يمعنك».
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: «عن».