للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإِسلامِ، ولو تَزَوَّجَ بِشْرٌ (١) كان قد تَمَّ أمْرُه. وقال الشافعيُّ (٢): التَّخَلِّى لِعبادَةِ اللهِ أفْضَلُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى مَدَح يَحيى، عليه السّلامُ، بقولِه تعالى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} (٣). والحَصُورُ الذي لا يَأْتِي النِّساءَ، فلو كان النِّكاحُ أفْضَلَ لَما مَدَح بتَرْكِه. وقال اللهُ تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} (٤). وهذا في مَعْرِضِ الذَّم. ولأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، فكان الاشْتِغالُ بالعِبادَةِ أفْضَلَ منه، كالبَيعِ. ولَنا، ما تَقَدَّمَ مِن أمْرِ اللهِ ورسولِه به، وحَثِّهِما عليه، وقولُه عليه الصلاةُ والسلامُ: «لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي». وقولُ سعدٍ: لقد رَدَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على عثمانَ بنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، ولو أَذِنَ (٥) له لَاخْتَصَينَا. مُتَفَقٌ عليهما. وعن أنسٍ قال: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ بالباءَةَ، ويَنهَى عن التَّبتُّل نَهْيًا شَديدًا، ويقولُ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رَواه سعيدٌ (٦). وهذا حَثٌّ على النِّكاحِ شَدِيدٌ، ووَعِيدٌ على تَرْكِه، يُقَربُه إلى الوُجوبِ،


(١) هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي، أبو نصر. الإمام العالم المحدث الزاهد الرباني، المشهور بالحافي. توفي سنة سبع وعشرين ومائتين. سير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٦٩ - ٤٧٧.
(٢) كذا ذكر هنا، ونص الإمام الشافعي في الأم ٥/ ١٢٨، ١٢٩ إنما هو في القسم الثالث الذي لم تخلق فيه شهوة، أو ذهبت بعارض.
(٣) سورة آل عمران ٣٩.
(٤) سورة آل عمران ١٤.
(٥) في م: «أحله».
(٦) في: باب الترغيب في النكاح. سنن سعيد ١/ ١٣٩.كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ١٥٨، ٢٤٥.