للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و (١) التَّخَلِّيَ منه إلى التَّحريمِ، ولو كان التَّخَلِّي أفْضَلَ [لانْعَكَسَ الأمْرُ] (٢)، ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَ، وبالغَ في العَدَدِ، وفَعَل ذلك أصحابُه، ولا يَشْتَغِلُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه إلَّا بالأَفْضَلِ، ولا يَجْتَمِعُ الصحابةُ على تَرْكِ الأفْضَلِ والاشْتِغالِ بالأدْنَى. ومِن العَجَبِ أنَّ مَن يُفَضِّلُ التَّخَلِّيَ لم يَفْعَلْه، فكيف أجْمَعوا على النِّكاحِ في فِعْلِه، وخالفوا في فَضْلِه! أفما (٣) كان فيهم مَنْ يَتْبَعُ الأفْضَلَ عندَه ويَعْمَلُ بالأَوْلَى؟ ولأنَّ مَصالِحَ النِّكاحِ أكثَرُ؛ فإنَّه يَشْتَمِلُ على تَحْصِينِ الدِّينِ وإحْرازِه، وتَحْصِينِ المرأةِ وحِفْظِها والقِيامِ بها، وإيجادِ النَّسْلِ وتَكْثِيرِ الأمَّةِ، وتَحْقِيقِ مُباهاةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وغيرِ ذلك مِن المَصالِحِ الرَّاجِحِ أحَدُها على نَفْلِ العِبادَةِ، فمَجْمُوعُها أَوْلَى. وقد رَوَينا في أخْبارِ المُتَقدِّمِينَ أنَّ قَوْمًا ذَكَرُوا لنبيٍّ لهم فَضْلَ عابدٍ لهم، فقال: أمَّا إنَّه لتارِكٌ لشيءٍ مِن السُّنَّةِ. فبَلَغ العابِدَ، فأتى النبيَّ (٤) فسَألَه عن ذلك، فقال: إنَّك تَركْتَ التَّزْويجَ. فقال: يا نَبيَّ اللهِ، وما هو إلَّا هذا! فلمَّا رَأَى النبيُّ احْتِقارَه لذلك، قال: أرَأَيتَ لو تَرَك الناسُ كُلهم التَّزْويجَ، مَن كان يَقُومُ بالجِهادِ، ويَنْفِي العَدُوَّ، و (٥) يقومُ بفرائِضِ الله وحُدُودِه؟. وأمَّا ما ذُكِرَ عن يَحيي، فهو شَرْعُه، وشَرْعُنا


(١) في الأصل: «ولا».
(٢) في م: «لانعكست الأحكام».
(٣) في م: «فما».
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: «أو».