فصل: فأمَّا نَظَرُ الرجُلِ إلى الأجْنَبِيَّةِ مِن غيرِ سَبَبٍ، فيَحْرُمُ عليه النظرُ إلى جَميعِها، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ، فإنَّه قال: لا يَأْكُلُ مع مُطَلَّقَتِه، هو أجنَبِيٌّ لا يَحِلُّ له أن يَنْظُرَ إليها، كيف يَأْكلُ معها يَنْظُرُ إلى كَفِّها! لا يَحِلُّ له ذلك. وقال القاضِي: يَحْرُمُ عليه النَّظرُ إلى ما عَدا الوَجْهَ والكَفَّين؛ لأنَّه عَوْرَةٌ، ويُباحُ له النَّظرُ إليهما مع الكَراهَةِ إذا أمِنَ الفِتْنَةَ ونَظَر بغيرِ شَهْوَةٍ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}. قال ابنُ عباسٍ: الوَجْهَ والكَفَّينِ. ورَوَتْ عائشةُ أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرِ دَخَلَتْ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في ثيابٍ رِقاقٍ، فأعْرَضَ عنها، وقال:«يا أسْمَاءُ، إنَّ المَرْأةَ إذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هَذَا وهَذَا». وأشارَ إلى وَجْهِه وكَفَّيه. رَواه أبو بكرٍ، وغيرُه (١). ولأنَّه ليس بعَوْرَةٍ، فلم يَحْرُمِ النَّظرُ إليه مِن غيرِ رِيبَةٍ،
(١) أخرجه أبو داود، في: باب فيما تبدي المرأة من زينتها، من كتاب اللباس. سنن أبي داود ٢/ ٣٨٣. والبيهقي، في: باب تخصيص الوجه والكفين بجواز النظر إليها عند الحاجة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ٨٦.