فصل: فإن سَمِع الأذانَ وهو يَقْرأُ، قَطَع القِراءَةَ ليَقُولَ مِثْلَه؛ لأنَّه يَفُوتُ، والقِراءَة لا تَفُوتُ. فإن سَمِعَه وهو يُصَلِّى، لم يَقُلْ كقَوْلِه؛ لِئَلّا يَشْتَغِلَ عن الصلاةِ بما ليس مِنها. وإن قالَها ما عدَا الحَيْعَلَةَ (١) لم تَبْطُلِ الصلاةُ؛ لأنه ذِكْرٌ، وإن قال الدُّعاءَ فِيها، بَطَلَتْ؛ لأنَّه خِطابٌ لآدَمِىٍّ.
فصل: ورُوِى عن أحمدَ، أنَّه كان إذا أذَّن، فقال كَلِمَةً مِن الأذانِ، قال مِثْلَها سِرًّا. فظاهِرُه أنَّه رَأى ذلك مُسْتَحَبًّا، ليَكونَ ما يُظْهِره أذانًا، وما يُسِرُّه ذِكْرًا للهِ تِعالى، فيَكُونَ بمَنْزِلَةِ مَن سَمِع الأذانَ. وقد رَواه القاضى عن أحمدَ، أنه قال: اسْتُحِبَّ للمُؤَذِّنِ أيضًا أن يقُولَ مِثْلَ ما يقولُ في خُفْيَةٍ.
فصل: قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ عن الرجلِ يقُومُ حينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ مُبادِرًا، يَرْكَعُ؟ فقال: يُسْتَحَبُّ أن يَكُونَ رُكُوعُه بعدَ ما يَفْرُغُ الُمؤذِّنُ، أو يَقْرُبُ مِن الفَراغِ؛ لأنَّه يُقالُ: إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ حينَ يسْمَعُ الأذان، فلا يَنْبَغِى أن يُبادِرَ للقِيام. وإن دَخَل المسجدَ فسَمِعَ المُؤذِّنَ، اسْتُحِبَّ له انْتِظارُه ليَفْرُغَ، ويقُولُ مثلَ ما يقولُ، ليَجْمَعَ بينَ الفَضِيلَتَيْن. وإن لم يَقُلْ كقَوْلِه وافْتَتَحَ الصلاةَ، فلا بَأسَ. نَصَّ عليه أحمدُ.