للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وروَى الأثْرَمُ بإسنادِه عن عِمْرانَ بنِ حُصَين، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا جَلَبَ (١)، ولا جَنَبَ (٢)، وَلَا شِغَارَ فِي الإِسْلَامِ» (٣). ولأنَّه جَعَل كُلَّ واحدٍ مِن العَقْدَين سَلَفًا في الآخَرِ، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: بِعْنِي ثَوْبَك على أن أبِيعَكَ ثَوْبِي. قولُهم: إنَّ فَسادَه مِن قِبَلِ التَّسْمِيَة. قُلْنا: بل فَسادُه مِن جِهَةِ أنَّه وَقَفه على شَرْطٍ فاسدٍ. ولأنَّه شَرَط تَمْلِيكَ البُضْعِ لغيرِ الزَّوْجِ، فإنَّه جَعَل تَزْويجَه إيَّإها مَهْرًا للأخْرَى، فكأنَّه مَلَّكَه إيّاه بشَرْطِ انْتِزاعِه منه. إذا ثَبَت هذا، فلا فَرْقَ بينَ أن يقولَ: على أنَّ صَداقَ كُلِّ واحدةٍ منهما بُضْعُ الأخْرَى. أو (٤) لم يَقُلْ ذلك. وقال الشافعيُّ: هو أن يقولَ ذلك ولا يُسَمِّيَ لكلِّ واحدةٍ صَداقُا؛ لِما روَى ابنُ عمرَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن الشِّغارِ. والشِّغارُ أن يقولَ الرجُلُ للرجلِ: زَوَّجْتكَ ابْنَتِي


= كما أخرجه النسائي، في: باب تفسير الشغار، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٩٢. وابن ماجه، في: باب النهي عن الشغار، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٦. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٨٦، ٤٣٩، ٤٩٦.
(١) الجلب يكون في شيئين؛ أحدهما في الزكاة، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة، فينزل موضعا، ثم يرمل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهى عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنها. الثاني في السباق، وهو أن يتبع الرجل فرسه، فيزجره ويجلب عليه ويصيح حثا له على الجرى، فنهى عن ذلك.
(٢) الجنب في السباق: أن يجلب فرسا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب. وفي الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يؤمر بالأموال أن تجنب إليه، أي تحضر. فنهوا عن ذلك.
(٣) وأخرجه النسائي، في: باب الشغار، من كتاب النكاح، وفي: باب الجلب، وباب الجنب، من كتاب الخيل. المجتبى ٦/ ٩١، ١٨٩، ١٩٠. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٤٢٩، ٤٤١، ٤٤٣.
(٤) في الأصل: «وإن».