أما الشكوى من عبد الرحمن، فقد عرفت ممن كان الابتدا، ومن كأفاك فما اعتدى.
ومع ذلك فقد حصلت عقود وحساب، وحصل منا تفضل واحتساب، وأمرناه فعوض وانسد الباب. وأما المال فما لعبد الرحمن مال فيستلف، ولا حال فيستخفّ. وأما دفعه فى العام الماضى عن التاجر الذى أوذى ببلده وهو حاضر، فما كنا نستغرب منه حفظ الجار، ولا نظنه يستغربه، وإنا لنعجب ممن يمن حفظ جاره والمصون منصبه وأمر التمادى فى الذى هو بيننا يكفيك، فاستأخر به أو تقدم. انتهى.
وربما بعض ألفاظ هذا الكتاب، أمليت هنا بالمعنى، ولم يفت منه إلا ألفاظ يسيرة فى ألقاب المكتوب إليه.
ووصل إليه هذا الكتاب مع القاضى شرف الدين إسماعيل بن المقرى، وهو فى جهة اليمن فى آخر رمضان، أو فى شوال من سنة أربع عشرة وثمانمائة.
ووصل إليه قبيل هذا التاريخ من هذه السنة، وهو بهذه الجهة، كتاب من الناصر صاحب مصر وخلعة، وعرفه الرسول بذلك أن السلطان يعتب عليه تقصيره فى الخدمة. وكان هذا الرسول قد تعوق كثيرا فى الطريق، وتشوف حسن لمعرفة الأخبار، فأمر قبل وصول هذا الرسول إليه مولاه، مفتاح الزفتاوى بالسفر إلى مصر، يتعرف له الأخبار، وما قدر أنه سافر من مكة إلا بعد وصول الرسول المذكور إليها.
فلما وصل مصر، وجد الأطماع كثيرة فى مولاه، فحضر عند السلطان، وبلغ رسالته واعتذر عن مولاه فى تأخير الجواب.
وذكر أنه يقوم بواجب الخدمة. وعاد إلى مكة مع الحاج. وشاع أن السلطان أعد نجباء كثيرة ومزادات. فظن حسن أنه يريد الحج فما حج، وظهر أن تجهزه إلى الشام. ولما انقضى الحج من سنة أربع عشرة وثمانمائة، ندب السيد حسن سعد الدين جبروه إلى مصر، بهدية لصاحبها الناصر، فى مقابلة ما التزم له به، فوجده قد توجه للشام.
وفى سنة أربع عشرة وثمانمائة، تصدق السيد حسن بصدقة جيدة قيل إنها عشرة آلاف درهم، والصدقة من عادته. والذى حركه عليها فى هذا الوقت، أنه مرض مرضا شديدا، خيف عليه منه. فرأى فيما قيل، النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم، ومسح بيده الشريفة عليه، وأمره فشفى بإثر ذلك، وفعل ما ذكرنا من الصدقة.