ولا دل عليه. فلما انقضى الموسم، ظهر جابر وكثر تردده للسيد حسن، وحلف كل منهما للآخر على الوفاء بالصحبة. ففوض إليه السيد حسن أمر جدة، فحصل له ما أرضى به صاحب اليمن من التجار، من غير كثير ضرر يلحقهم فى ذلك، وما زال فى خدمته حتى شنق للتهامه بالميل مع رميثة بن محمد بن عجلان، فى ليلة النصف من ذى الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة بباب المعلاة. وفى هذه الليلة شنق ابنه محمد بن جابر بباب الشّبيكة.
وفى سنة ست عشرة وثمانمائة، تقرب السيد حسن بتسبيل البيمارستان المستنصرى بالجانب الشامى من المسجد الحرام للضعفاء والمجانين، وتصرف غلّة القيساريّة المعروفة بدار الإمارة عند باب بنى شيبة، فى مصالح المشار إليهم وذلك لأنه كان استأجر المكانين المذكورين فى سنة خمس عشرة، مدة مائة سنة هلالية، من القاضى الشافعى بمكة، بأجرة معلومة، على أن يصرفها فى عمارة المكانين لخرابهما فعمرهما. وزاد فى البيمارستان فأكثر فيه النفع، ووقف ما زاده وما يستحقه من منفعة المكانين، فى باقى المدة المذكورة على الوجه السابق.
وثبت ذلك عند حاكم مالكى، وحكم به لموافقته رأى بعض متأخرى المالكية فى وقف المنافع، وبعضهم يمنع ذلك، وهو مقتضى مذهب الشافعى وأبى حنيفة وابن حنبل، رحمهم الله.
وكان إثبات ذلك والحكم به، فى صفر من السنة المذكورة.
وفيها شرع فى عمارة رباط آخر بأجياد للفقراء، وكمل فى التى بعدها، وفيه بقية تحتاج للعمارة، فالله تعالى يتقبل منه ذلك.
وفى ليلة سادس جمادى الأولى من سنة ست عشرة وثمانمائة، وصل رميثة إلى حدّا من وادى مرّ، على غفلة من أهلها؛ لأن عمه رغب فى إخراجه من ينبع، وما وجد مذهبا غير هذا.
ولما بلغ عمه خبره، أمر بالمبادرة بإبعاده، وصمم على ذلك، وركب إلى جهته. فما وسع الذين نزل عليهم إلا إبعاده. فمضى إلى ينبع، والتحق به فيها بعض القوّاد العمرة. فعاد به إلى منزلهم بالعدّ، وأخبر السيد حسن بوصوله، فتوجه للعدّ بعسكره.
وكان رميثة قد توجه منه بعض القوّاد والشريفين: ميلب وشفيع ابنى علىّ بن مبارك. وما شعر الناس به إلا وقد هجم مكة من درب اليمن، فى ضحى يوم الخميس رابع