عشرى جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة، وما قدر الذين بمكة من جماعة حسن على دفعهم، وانضم إليه منهم جماعة، وما أحدث بمكة سوءا ولا من معه، ثم خرجوا منها لتخوّفهم من قصد حسن لهم.
وكان من خبر حسن أنه أخبر بقصدهم لمكة، فشق ذلك عليه لتخيله أنهم ينهبونها، ويتقوون بذلك ويتحصنون فيها.
فلما انتهى إلى الزاهر، أتاه بعض أصحابه من مكة، فأخبره بخروجهم منها وعدم إفسادهم، وقصدهم إلى الأبطح. فنزل على الأبطح من ثنيّة المقبرة، ورأى سوابق عسكره رميثة ومن معه، فاتبعوهم وتلاهم الباقون.
ثم إن السيد حسن سئل فى الرجوع عنهم رحمة لهم، فرحمهم وعاد إلى مكة، ثم بلغه أنهم مقيمون بنخلة، فتوجه إليهم حتى انتهى إلى نخلة، ففارقوها وقصدوا الطائف، فبعث بعض خواص حسن إلى أهل الطائف، بالإعراض عن المذكورين، فأعرض عنهم ناس، وأكرمهم ناس، بما ليس فيه كبير جدوى. فقصدوا نعمان ليتوصلوا منه إلى اليمن، فسلكوا طريق النقب حتى بلغوه. وانتهوا إلى عرب باليمن، فحاربوهم وكسبوا منهم ما تجمل به حالهم، وبدا من رميثة فى هذا اليوم، ما يدل على كثرة شجاعته، وأقاموا باليمن مدة، ثم عادوا فقصدوا جدة، وخفى مسيرهم إليها على السيد حسن.
ولما وصلوا جدة نهبوها وأخربوا بيت الصبحى. وذلك فى العشر الوسط من رمضان سنة ست عشرة، وبلغ خبرهم السيد حسنا، فبادر إليهم ولقوه بقرب جدة متأهبين للقائه، فمنعه من محاربتهم القواد، فلم يمكنه المخالفة، وطيبوا نفسه بإخراج رميثة ومن معه من جدة ومكنوه منها، ثم قطعوا بين الفريقين حسبا، وسعوا فى الصلح بين الفريقين.
فلم يتفق ذلك؛ لأن حسنا لم يوافق على دخول من التف على رميثة من العبيد والمولدين فى الصلح، وأبى رميثة إلا دخولهم، وعرف كل من حسن ورميثة، أن القواد لا تمكن أحدا منهما من الآخر، فتسالموا من القتال حتى انقضى الحج من هذه السنة.
وبعد الحج توجه السيد حسن إلى العد بعسكره، ومعه مقبل بن مخبار وجماعة من أصحابه. وكانوا قدموا فى هذه السنة للحج ولنصر حسن، وعرف رميثة وأصحابه أنه لا قدرة لهم على المذكورين، وأن من يتخيلون منه النصر من ذوى عمر، الملايمين لحسن، لا يمكنهم النصر فى هذا الوقت. فقصد رميثة والأقوياء من أصحابه إلى جهة اليمن فى