المتعلق بحمل السلطان، وأسقط عنهم بعضه، واعتذر مما أخذه بالحاجة إليه، فأعجب ذلك السلطان، وأمر التجار بقصد جدة، فقصدوها ثانيا كما ذكرنا، ومضوا إلى بلادهم بعد الحج وهم سالمون من النهب ولله الحمد.
وفى النصف الثانى من شوال سنة عشرين وثمانمائة، قدم من مصر على الشريف ابنه السيد بركات فسر به، ولما طاف بركات بالكعبة، دعى له على زمزم كعادة أمراء مكة. وصار أبوه يفوه له بالإمرة، ويقول لبنى حسن وغيرهم: هو سلطانكم.
وفى شهر ربيع الأول من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، أظهر للناس أنه تخلى عن إمرة مكة لابنه السيد بركات، بحيث أجلسه على المفرشة بالمسجد الحرام، وجلس هو على مفرشة عنده، وأمر من فى خدمته بالحلف له، فحلفوا له وأمرهم بالخروج فى خدمته والنزول بالركانىّ بوادى مرّ، ففعلوا؛ لأن أكثر الذين بالعدّ من ذوى رميثة وذوى أبى نمى والقواد، رحلوا من العد حتى نزلوا حدّا، ولم يسهل بالشريف نزولهم بحدّا؛ لأن جماعة من وجوه القواد، كانوا ذكروا للشريف أن الذى بالعدّ، لا يرحلون منه إلى غيره إلا بإخباره، ولما نزل السيد بركات ومن معه بالركانىّ، لم يسهل ذلك بالذين نزلوا بحدّا، ورغبوا فى أن الشريف يأمر ولده بالرحيل عنهم إلى الجديد ونحوه من وادى مرّ، ويدخلون بأجمعهم فى طاعته ويمضى إلى الشرق، فإنه يختار ذلك ولا يحدثون حدثا إلى انقضاء سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وعشرة أيام من التى بعدها. فوافق الشريف على ذلك وأجابهم إلى ما سألوه من الإحسان إليهم، بما عوّدهم به فى كل سنة قبل هذه الفتنة، على عادتهم فى أخذ ذلك منجّما، وأعطى ذوى مبارك دية رضوها فى فواز ابن عقيل بن مبارك، مع كونه يرى أنها لا تلزمه، وحمله على ذلك حبّه لحسم مواد الشر، وما انطوى عليه من الصفح والحلم، ولذلك حلم على الذين خرجوا عن طاعته، ولا يموا ابن أخيه رميثة، وقاتلوه، من عبيد أبيه وأخيه وأولادهم، واستدعاهم من حلى ومن اليمن، وأجراهم على رسومهم التى كانوا عليها قبل جموحهم عن طاعته، فالله تعالى يزيده توفيقا، ويسهل له إلى كل خير طريقا. وكان وصول أكثرهم إليه، فى أخريات ذى القعدة من سنة عشرين وثمانمائة.
وفى ربيع الأول من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، جمح أحمد بن الشريف حسن عن طاعة أبيه، لكونه قدم أخاه بركات عليه فى الإمرة، وأرسل إليه أبوه من يستعطفه ويعده عنه بذهب ومركوب، فلم يمل أحمد لذلك.