واجتمع إليه جماعة من الطّمّاعة، ومضوا لجدة وتخطفوا منها أشياء، ولم يسهل ذلك بأبيه. ثم إن كثيرا من الذين كانوا مع أحمد، تخلوا عنه لملاءمة أقاربهم لهم على ملاءمته، لكون ذلك لا يرضى أباه، ولما عرف هو ذلك حضر إلى حدّا، ونزل بها. والله يصلح أحوالهم، ثم دخل فى الطاعة، وأقام على ذلك وقتا، ثم خالف ومضى إلى ينبع، وأتى منها مع الحجاج فى سنة إحدى وعشرين إلى أبيه بمكة، فلم ير ما يعجبه، فعاد مع الحجاج إلى صوب ينبع، بعد الحج من هذه السنة.
وفيها بعث أبوه ولده السيد إبراهيم إلى بلاد اليمن، مستعطفا لصاحبها الملك الناصر، فعطف عليه كثيرا، بعد أشهر كثيرة، وجهزه إلى مكة بعد أن أمر له بصلة متوسطة.
وفيها كتب الملك الناصر إلى صاحب مصر الملك المؤيد، كتابا يذكر فيه شيئا من حال السيد حسن بن عجلان؛ لأن الملك المؤيد كتب إلى الملك الناصر على يد سفيره القاضى أمين الدين مفلح التركى، كتابا يستعطفه على السيد حسن، وذكر فيه شيئا من حاله. وأما ما ذكره الملك المؤيد فهو:
وأما الشريف حسن بن عجلان، فإنه بلغنا أنه طابق تسميته بالعكس، فرسمنا بطرده، وقلنا هذا الكدر لا يليق عند سكان الصّفا، فقربنا إليهم المسرة ببعده، وعلمت أهل مكة منا بذلك، فأنكرت مشاركته فى البيت وأخرجته من الحرم الشريف وأغلقت الأبواب، وقالت: هيت. وانقطع أمله من ورود زمزم، وقد جرعته كئوس البين مرارة الإصدار، وتيقن قتل نفسه عند خروجه من الديار، ولم تتعرف به عرفات، لما طرد منكرا على وجل، ولا يمكن أن يقول بعدها: ساوى إلى جبل. وأيقن أن يصاب من كنانة مصر بسهام يبلغ بها المقام الغرض، ويقول ببلاغة وإيجاز: سهم أصاب وراميه بذى سلم، من بالحجاز. وعلمنا أن سيفنا المؤيدى، لابد أن يسبق فيه العذل، ويدخله فى خبر كان، وتتنغص حياته، ويأتيه الموت كأبيه عجلان [من الطويل]: