قال فى ترجمة أبى نمى فيه: واختلف القواد والأشراف بعده على أولاده، فطائفة مالت إلى رميثة وحميضة، على أخويهما، فلزماهما وأقاما فى حبسهما مدة، ثم احتالا فخرجا وركنا إلى بعض الأشراف والقواد، فمنعوا منهما.
ولما وصل الحاج المصرى، تلقاهم أبو الغيث فمالوا إليه، ولما انفصل الموسم، لزم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير حميضة ورميثة، وسار بهما إلى مصر مقيدين، وأمّر بمكة أبا الغيث ومحمد بن إدريس، وحلفهما لصاحب مصر. انتهى.
وكان من خبر حميضة، أنه وأخاه رميثة وليا إمرة مكة فى سنة أربع وسبعمائة، وقيل: فى سنة ثلاث وسبعمائة، وهذه ولايته الثانية التى شارك فيها أخاه رميثة، ودامت ولايتهما لمكة إلى زمن الموسم، من سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وما ذكرناه من ولايته لإمرة مكة مع أخيه رميثة فى هذا التاريخ، ذكره صاحب بهجة الزمن، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره، مع شيء من خبرهما. ولذلك رأيت أن أذكره.
قال فى أخبار سنة أربع وسبعمائة: وحج من مصر خلق كثير، وفى جملتهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير فى أمراء كثيرين، وصل معهم الشريفان رميثة وحميضة ولدا أبى نمى المقدما الذكر فى القبض عليهما.
فلما انقضى الحج، أحضر الأمير ركن الدين الشريفين أبا الغيث وعطيفة، وأعلمهما أن ملك مصر قد أعاد أخويهما إلى ولايتهما. فلم يقابلا بالسمع والطاعة، وحصلت منهم المنافرة، ثم قال: واستمر رميثة وحميضة فى الإمرة يظهران حسن السيرة وجميل السياسة، وأبطلا شيئا من المكوس فى السنة المذكورة والتى قبلها.
وذكر فى أخبار سنة ثمان وسبعمائة: أنه ظهر منهما من التّعسّف ما لا يمكن شرحه.
وذكر أن فى سنة عشر وسبعمائة: حج من الديار المصرية، عسكر قوى فيه أمراء طبلخانات، يريدون لزم الشريفين حميضة ورميثة. فلما علما بذلك، هربا من مكة. فلما توجه العسكر إلى الديار المصرية، عادا إلى مكة.
وذكر أنهما فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، عدلا عن مكة، تخوفا من الملك الناصر صاحب مصر؛ لأنه كان حج فى هذه السنة، ومعه مائة فارس وستة آلاف مملوك، تخوفا منه.
وذكر أنهما فعلا فيها ما لا ينبغى من النهب، وأنهما عادا إلى مكة بعد ذهاب الملك الناصر منها.