وذكر أنهما هربا من مكة، فى سنة ثلاث عشرة، إلى صوب حلى بن بعقوب، لما علما بوصول أبى الغيث بن أبى نمى من الديار المصرية إلى مكة، ومعه عسكر جرّار، فيهم من المماليك الأتراك، ثلاثمائة وعشرون فارسا، وخمسمائة فارس من أشراف المدينة، خارجا عما يتبع هؤلاء من المتخطفة والحرامية، وكان المقدم الأمير سيف الدين طقصبا.
وذكر أن فى المحرم من سنة أربع عشرة وسبعمائة، سار أبو الغيث وطقصبا إلى صوب حلى بن يعقوب، بسبب حميضة ورميثة، فإنهما لم يجدا خبرا عنهما؛ لأنهما لحقا ببلاد السراة، ووصلا ـ أعنى أبا الغيث وطقصبا ـ إلى حلى بن يعقوب، ولم يدخلها، طقصبا، وقال: هذه أوائل بلاد السلطان الملك المؤيد، ولا ندخلها إلا بمرسوم السلطان الملك الناصر، فعاد على عقبه.
وفى كلام صاحب البهجة، ما يفهم أن أبا الغيث وطقصبا لم يبلغا حلى، والله أعلم.
وقد ذكر صاحب نهاية الأرب فى فنون الأدب، شيئا من خبر حميضة بعد عزله من مكة أخيه أبى الغيث، وشيئا من خبر العسكر الذى جهز معه؛ لأنه قال فى أخبار سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.
وفى هذه السنة، جرد السلطان جماعة من الأمراء إلى مكة شرفها الله تعالى، وهم سيف الدين طقصبا الناصرى، وهو المقدم على الجيش، وسيف الدين بكتمر، وصارم الدين صاروجا الحسامى، وعلاء الدين أيدغدى الخوارزمى.
وتوجهوا فى شوال فى جملة الركب، وجرد من دمشق الأمير سيف الدين بلبان تترى. وسبب ذلك ما اتصل بالسلطان من شكوى المجاورين والحجاج من أميرى مكة حميضة ورميثة، ولدى الشريف أبى نمى. فندب السلطان هذا الجيش، وجهز أخاهما الأمير أبا الغيث بن أبى نمى. فلما وصل العسكر إلى مكة، فارقها حميضة. وأقام الجيش بمكة بعد عود الحاج نحو شهرين، فقصر أبو الغيث فى حقهم، وضاق منهم، ثم كتب خطه باستغنائه عنهم، فعادوا.
وكان وصولهم إلى الأبواب السلطانية، فى آخر شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وسبعمائة. ولما علم حميضة بمفارقة الجيش لمكة، عاد إليها بجمع، وقاتل أخاه أبا الغيث، ففارق أبو الغيث مكة، والتحق بأخواله من هذيل بوادى نخلة، وأرسل حميضة إلى السلطان رسولا وخيلا للتقدمة، فاعتقل السلطان رسوله. انتهى.