وقد ذكر صاحب المقتفى شيئا من خبر حميضة بعد لحاقه بالعراق؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست عشرة: وفى التاريخ المذكور ـ يعنى عقيب عيد الأضحى ـ وصل الخبر بأن الشريف حميضة بن أبى نمى الحسنى المكى، كان قد لحق بخربندا فأقام فى بلاده أشهرا. وطلب منه جيشا يغزوا به مكة، وساعده جماعة من الرافضة على ذلك، وجهزوا له جمعا من خراسان، وكانوا مهتمين بذلك. فقدر الله تعالى موت خربندا، وبطل ذلك بحمد الله تعالى.
ثم قال: ثم إن محمد بن عيسى أخا مهنّا، هو وجمع من العرب، وقعوا على حميضة وعلى الدلقندى. وكان معهما جمع وأموال، فقهرهم وغنم ما معهم ودمر حميضة. وكان الدلقندى، وهو رجل رافضى من أعيان دولة التتار، قد قام بنصره وجمع له الأموال والرجال، على أن يأخذ له مكة ويقيمه بها. انتهى.
وقال صاحب نهاية الأرب، فى أخبار سنة سبع عشرة وسبعمائة: فى هذه السنة، وصل كتاب الأمير أسد الدين رميثة أمير مكة إلى الأبواب السلطانية، يتضمن أن أخاه عز الدين حميضة، قدم من بلاد العراق. وكان قد انسحب إليها، والتحق بخربندا كما تقدم، وأنه وصل الآن على فرس واحد، ومعه اثنان من أعيان التتار، روهما درقندى ـ وقيل فيه دقلندى ـ وملك شاه، ومعهم ثلاثة وعشرون راحلة، وأنه كتب إلى أخيه رميثة يستأذنه فى دخول مكة، فمنعه إلا بعد إذن السلطان.
فكتب السلطان إلى حميضة أنه إن حضر إلى الديار المصرية، على عزم الإقامة بها، قابله بالأمان وسامحه بذنوبه السالفة. وأما الحجاز فلا يقيم به.
وكتب إلى درقندى وملك شاه بالأمان، وأن يحضرا، وأخبر من وصل، أنهم لقوا فى طريقهم شدة من العراق إلى الحجاز، وأن العربان نهبوهم، فنهب لدرقندى أموال جمة، وأنه وصل على فرس واحد مسافة عشرين ليلة.
وقد حكى عن الأمير محمد بن عيسى أخى مهنّا، أن الملك خربندا كان قد جهز دقلندى المذكور، فى جمع كثير مع عز الدين حميضة، قبل وفاته إلى الحجاز، لنقل الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، من جوار النبى صلى الله عليه وسلم، وأن الأمير محمد المذكور، جمع من العربان نحو أربعة آلاف فارس، وقصد المقدم ذكره، وقاتله ونهبه، وكسب العسكر منهم أموالا جمة عظيمة من الذهب والدراهم، حتى إن فيهم جماعة، حصل للواحد منهم نحو ألف دينار، غير الدواب والسلاح وغير ذلك، وأخذوا الفوس