للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما عزل عمر خالدا، ولى عوضه أبا عبيدة بن الجراح، وجاء عزله وهم محاصرون لدمشق، فكتموا ذلك حتى فتحها الله تعالى. وكان بعضها وهو الذى إلى جهة خالد، فتح عنوة، والذى إلى جهة غيره فتح صلحا، ثم أمضيت كلها صلحا. وكان فتحها فى رجب سنة أربع عشرة.

وذكر ابن عبد البر، وابن الأثير: أنه افتتح دمشق، ولم يذكرا له فى فتحها شريكا. وأما المزى فقال فى التهذيب: ثم وجهه ـ يعنى الصديق رضى الله عنه ـ إلى العراق ثم إلى الشام، وأمره على أمراء الشام، وهو أحد أمراء الأجناد الذين ولوا فتح دمشق. انتهى.

ولم يمنع خالدا عزله، من الجهاد فى سبيل الله تعالى، وله فى قتال الروم بالشام والفرس بالعراق وأهل الرّدّة أثر عظيم.

وجملة ما شهده من الحروب فى سبيل الله، مائة زحف أو زهاءها، على ما روى عنه. وفى الخبر الذى روى عنه فى ذلك أنه قال: وما فى بدنى موضع شبر، إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، وها أنا ذا أموت على فراشى كما تموت العير، فلا نامت أعين الجبناء، وما من عمل لى، أرجا من لا إله إلا الله، وأنا متترّس بها.

وهذا الخبر ذكره ابن عبد البر وابن الأثير والنووى، إلا أن ابن عبد البر لم يذكر قوله: وما لى من عمل ... إلى آخره.

وكان خالد رضى الله عنه يستنصر فى حروبه بشعرات فى قلنسوته، من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أخذ ذلك من شعر ناصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين حلقه فى عمرة اعتمرها مع النبى صلى الله عليه وسلم. كذا روى عنه فى مسند أبى يعلى الموصلى (٣)، وليس فيه بيان


ـ عبيدة بن الجراح، فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغمدت سيفا سله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعت لواء نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد قطعت الرحم، وحسدت ابن العم، فقال عمر: إنك قريب القرابة، حديث السن مغضب فى ابن عمك.
(٣) أخرجه أبو يعلى فى مسنده، حديث رقم (٧١٤٧) من طريق: سريج بن يونس أبو الحارث، حدثنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه قال: قال خالد بن الوليد: اعتمرنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى عمرة اعتمرها، فحلق شعره، فاستبق الناس إلى شعره فسبقت إلى الناصية، فأخذتها، فاتخذت قلنسوة فجعلتها فى مقدم القلنسوة، فما وجهته فى وجه إلا فتح له.
والحديث فى «المقصد العلى» برقم ١٤٣٢، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد ٩/ ٣٤٩، ـ

<<  <  ج: ص:  >  >>