فى سنة ثمان وسبعمائة، وشكيا إلى الأمراء، من أخويهما حميضة ورميثة؛ لأنهما كانا اعتقلا أبا الغيث وعطيفة، ثم هربا من اعتقالهما، وحضرا عند الأمراء كما ذكرنا، فاقتضى رأى الأمراء القبض على حميضة ورميثة تأديبا لهما، وحملا إلى القاهرة، واستقر عوضهما فى الإمرة بمكة أبو الغيث وعطيفة، هكذا ذكر ما ذكرناه من سبب القبض على حميضة ورميثة، وتولية أبى الغيث وعطيفة فى هذا التاريخ، صاحب نهاية الأرب، وإلا فالأمير بيبرس الداوادار فى تاريخه، وهو الغالب على ظنى.
وذكر ذلك صاحب بهجة الزمن فى تاريخ اليمن، إلا أنه خالف فى بعض ذلك؛ لأنه قال فى ترجمة أبى نمى: واختلف القواد والأشراف بعد موته على أولاده، فطائفة مالت إلى رميثة وحميضة على أخويهما فلزماهما، وأقاما فى حبسهما مدة، ثم احتالا فخرجا وركبا إلى بعض الأشراف والقواد، فمنعوا منها.
ولما وصل الحاج المصرى، تلقاهم أبو الغيث، فمالوا إليه، ولما انفصل الموسم، لزم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، حميضة ورميثة، وسار بهما إلى مصر مقيدين، وأمر بمكة أبا الغيث، ومحمد بن إدريس، وحلفهما لصاحب مصر. انتهى.
وكان من خبر رميثة، أنه وأخاه حميضة، وليا إمرة مكة فى سنة أربع وسبعمائة، وهذه ولايته الثانية، التى شارك فيها أخاه حميضة، ودامت ولايتهما لمكة إلى زمن الموسم، من سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وما ذكرناه من ولايته لإمرة مكة، مع أخيه حميضة فى هذا التاريخ، ذكره صاحب بهجة الزمن، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره، مع شيء من خبرهما. ولذلك رأيت أن أذكره.
قال فى أخبار سنة أربع وسبعمائة: وحج من مصر خلق كثير، وفى جملتهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فى أمراء كثيرين، ووصل معهم الشريفان رميثة وحميضة، ولدا أبى نمى المقدما الذكر فى القبض عليهما، فلما انقضى الحج، أحضر الأمير ركن الدين أبا الغيث وعطيفة، وأعلمهما أن ملك مصر قد أعاد أخويهما إلى ولايتهما، فلم يقابلا بالسمع والطاعة، وحصلت منها المنافرة، ثم قال: واستمر حميضة ورميثة فى الإمرة يظهران حسن السيرة وجميل السياسة، وأبطلا شيئا من المكوس فى السنة المذكورة والتى قبلها. انتهى.
ووجدت فى بعض التواريخ، ما يقتضى أن رميثة وحميضة، وليا مكة فى سنة ثلاث وسبعمائة، وهذا يخالف ما ذكره صاحب بهجة الزمن، وما سبق قبله، والله أعلم.
وذكر صاحب البهجة فى أخبار سنة ثمان وسبعمائة: أنه ظهر منهما من العسف ما لا يمكن شرحه.