وذكر أن فى سنة عشر وسبعمائة، حج من الديار المصرية عسكر قوى، فيه من أمراء الطبلخانات، يريدون لزم الشريفين حميضة ورميثة، فلما علما بذلك نفرا من مكة، ولم يحصل العسكر على قبضهما. فلما توجه العسكر إلى الديار المصرية، عادا إلى مكة، شرفها الله تعالى.
وقال فى أخبار سنة اثنتى عشرة وسبعمائة: وفعل فيها حميضة ورميثة ما لا ينبغى من نهب التجار؛ لأنهما خافا أن يقبض عليهما الملك الناصر، فعدلا عن مكة وعادا إليها بعد ذهاب الملك الناصر، وذلك أنه حج فى هذه السنة، فى مائة فارس وستة آلاف مملوك على الهجن.
وقال فى أخبار سنة ثلاث عشرة وسبعمائة: وفى السنة المذكورة، وصل الشريف أبو الغيث بن أبى نمى من الديار المصرية إلى مكة المشرفة، ومعه عسكر جرّار، فيهم من المماليك الأتراك ثلاثمائة وعشرون فارسا، وخمسمائة فارس من أشراف المدينة، خارجا عما يتبع هؤلاء من المتخطفة، والحرامية، ولما علم حميضة ورميثة بأمرهم، هربوا إلى صوب حلى بن يعقوب، واستولى أبو الغيث على مكة.
وقال فى أخبار سنة أربع عشرة وسبعمائة: ففى المحرم سار أبو الغيث وطقصبا إلى صوب حلى بن يعقوب، لطلب حميضة ورميثة، فسارا قدر مرحلتين، ولم يجدا خبرا عن الشريفين المذكورين؛ لأنهما لحقا ببلاد السّراة، ووصلا إلى حلى بن يعقوب، ولم يدخلها طقصبا، وقال: هذه أوائل بلاد السلطان الملك المؤيد، ولا ندخلها إلا بمرسوم السلطان الملك الناصر، فعاد على عقبه. انتهى.
وولى رميثة مكة فى سنة خمس عشرة وسبعمائة، وهذه ولايته الثالثة، ودامت ولايته عليها إلى انقضاء الحج، من سنة سبع عشرة وسبعمائة، أو إلى أوائل سنة ثمان عشرة، واستقل بإمرة مكة فيها.
قال صاحب نهاية الأرب فى أخبار سنة خمس عشرة: وفى هذه السنة فى ثالث جمادى الآخرة، وصل الشريف أسد الدين أبو عرادة رميثة بن أبى نمى، من الحجاز إلى الأبواب السلطانية، وأظهر التوبة والتنصل والاعتذار بسالف ذنوبه، وأنهى أنه استأنف الطاعة، وسأل العفو عنه، وإنجاده على أخيه عز الدين حميضة، فقبل السلطان عذره وعفا عن ذنبه، وجرد طائفة من العسكر، مقدمهم الأمير سيف الدين دمرخان بن قرمان، والأمير سيف الدين طيدمر الجمدار، فتوجها هما والأمير أسد الدين إلى الحجاز الشريف، فى ثانى شعبان، ورحلوا من بركة الحاج فى رابعه.