المسك، وقيل: بل صلب معه سنورا. وذهب عروة بن الزبير إلى عبد الملك يستوهبه لأمه جثة ابن الزبير، ففعل عبد الملك، وأمر عروة فعاد إلى مكة، وكانت غيبته عنها ثلاثين يوما، فأنزل الحجاج جثة عبد الله بن الزبير، وبعث بها إلى أمه، فغسلته وصلى عليه عروة ودفنه.
وكان قتل ابن الزبير، على ما قال الواقدى، وعمرو بن على، وخليفة بن خياط، يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وقيل: قتل فى النصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وذكره صاحب الكمال. وقال ضمرة، وأبو نعيم، وعثمان بن أبى شيبة: قتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين، والأول أصح، وكان له من العمر يوم قتل، إحدى وسبعون سنة، لأنه ولد فى السنة الثانية من الهجرة بالمدينة، وقيل كان ابن اثنتين وسبعون سنة، وهو أول من ولد بها من قريش، وكانت خلافته تسع سنين، وكان آدم نحيفا ليس بطويل، أطلس لا لحية له، فصيحا مفوها، نهاية فى الشجاعة والعبادة، وله فى ذلك أخبار.
فمن أخباره فى العبادة: أنه قسم الدهر ثلاث ليال: ليلة يصلى قائما إلى الصباح، وليلة راكعا إلى الصباح، وليلة ساجدا إلى الصباح. وقيل: إنه لم يكن الناس يعجزون عن عبادة إلا تكلفها، حتى إنه جاء سيل فكثر الماء حول البيت فطاف سبعا.
ومن أخباره فى الشجاعة: أنه غزا أفريقية مع عبد الله بن أبى سرح، أتاهم ملكها فى مائة ألف وعشرين ألفا، وكان المسلمون فى عشرين ألفا، فرأى ابن الزبير ملكهم قد خرج من عسكره، فأخذ جماعة وقصده فقتله، فكان الفتح على يديه.
وقد تقدم شيء من خبره فى الشجاعة، وهو أنه كانت الطوائف تدخل عليه من أبواب المسجد، فيحمل على كل طائفة حتى يخرجها، وكان يأخذ على يد الشاب فيكاد يحطمها.
قال الزبير: وأخبرنى عبد العزيز بن أبى سلمة، عن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن ابن عوف الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: إن عثمان بن عفان رضى الله عنه، أمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ينسخوا القرآن فى المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد فى شيء من القرآن: فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم ففعلوا، فى حديث يطول.
قال الزبير: حدثنا محمد بن حسن، عن نوفل بن عمارة، قال: سئل سعيد بن المسيب