عن خطباء قريش فى الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد، وسهيل بن عمرو. وسئل عن خطبائهم فى الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير. قال الزبير: وحدثنى إبراهيم بن المنذر، عن عثمان بن طلحة، قال: كان عبد الله بن الزبير لا ينازع فى ثلاث: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة.
قال الزبير: وحدثنى محمد بن الضحاك، عن جدى عبد الله بن مصعب، عن هشام ابن عروة، قال: رأيت ابن الزبير يرمى بالمنجنيق، فلا يلتفت ولا يرعد صوته، قال: وربما مرت الشظية منه قريبا من خده.
قال الزبير: وحدثنى عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة، ويوسف بن عبد العزيز بن الماجشون، عن ابن أبى مليكة، عن أبيه، أو عن أبيه، عن جده، قال: كنت أطوف بالبيت مع عمر بن عبد العزيز، فلما بلغت الملتزم تخلفت عنده أدعو، ثم لحقت عمر بن عبد العزيز، فقال لى: ما خلفك؟ . فقلت: كنت أدعو فى مواضع رأيت عبد الله بن الزبير يدعو عندها، فقال: ما تترك تحنانك على ابن الزبير أبدا! . فقلت له: والله ما رأيت أحدا أشد جلدا على لحم، ولا لحما على عظم من ابن الزبير، ولا رأيت أحدا أثبت قائما، ولا أحسن مصليا من ابن الزبير، ولقد مر حجر من المنجنيق، جاء فأصاب شرفة من المسجد، فمرت قذاذة منه بين لحيته وحلقه، فما زال من مقامه، ولا عرفنا ذلك فى صوته، فقال عمر: لا إله إلا الله، جاد ما وصفت.
قال الزبير: وسمعت إسماعيل بن يعقوب التيمى، يحدث مثل ما قال عمر بن عبد العزيز لابن أبى مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فإنه يزمزم على أصحابنا فيعشرموا عليه، فقال: عن أى حالة تسألنى؟ عن دينه أو عن دنياه؟ فقال: عن كلّ. قال: والله ما رأيت جلدا قط ركب على لحم، ولا لحما على عصب، ولا عصبا على عظم، مثل جلده على لحمه، ولا مثل لحمه على عصبه، ولا مثل عصبه على عظمه، ولا رأيت نفسا زكت بين جنبين، مثل نفس له زكت بين جنبيه، ولقد قام يوما إلى الصلاة، فمر حجر من حجارة المنجنيق بلبنة مبطوحة من شرفات المسجد، فمرت بين لحيته وصدره، فو الله ما خشع له بصره، ولا قطع له قراءته، ولا ركع دون الركوع الذى كان يركع ابن الزبير، كان إذا دخل فى الصلاة خرج من كل شيء إليها، ولقد كان يركع فيكاد يقع الرخم على ظهره، ويسجد وكأنه ثوب مطروح.
وقال الزبير: وحدثنى خالد بن وضاح قال: حدثنى أبو الحصيب نافع بن ميسرة، مولى آل الزبير، عن هشام بن عروة قال: سمعت عمى عبد الله بن الزبير يقول: والله لن أبالى إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبرى، لواصلت على أهل الأرض.