ومن أرض كنانة ببادية مكة «مجنة» التى عناها بلال رضى الله عنه بقوله:
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل
لأن الأزرقى: قال ـ فى تفسير هذا الموضع، فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «حج الجاهلية، وإنساء الشهور، ومواسمهم، وما جاء فى ذلك» ـ ومجنة: سوق بأسفل مكة، على بريد منها، وهى سوق لكنانة، وأرضها من أرض كنانة، وهى التى يقول فيها بلال رضى الله عنه:
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ... بفخ وحولى إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل
و«شامة» و «طفيل» جبلان مشرفان على «مجنة». انتهى.
ومن الأخبار الدالة على مشاركة خزاعة لقريش فى سكنى مكة وباديتها: ما ذكره الأزرقى؛ لأنه روى عن جده عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج، عن ابن جريج، وعن أبى إسحاق ـ يزيد أحدهما على الآخر ـ فذكر خبرا طويلا فى ولاية قصى بن كلاب البيت الحرام وأمر مكة، بعد خزاعة.
وفيه «أن يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة: حكم لقصى بحجابة الكعبة، وولاية أمر مكة، دون خزاعة، لما جعل له جليل، وأن يخلى بينه وبين ذلك، وأن لا يخرج خزاعة من مساكنها من مكة» وفيه «وخزاعة مقيمة بمكة على رباعهم وسكناهم، لم يحركوا، ولم يخرجوا منها، فلم يزالوا على ذلك حتى الآن». انتهى.
وأما سكنى خزاعة بمكة ـ قبل ولاية قصى ـ: فلا يحتاج إلى استدلال، لشهرته.
ومن منازل: خزاعة ببادية مكة «الوتير» ماء لهم بأسفل مكة؛ لأن فى خبر فتح مكة ـ الذى ذكره ابن إسحاق فى سيرته، تهذيب ابن هشام ـ «ثم إن بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة: عدت على خزاعة، وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له: الوتير». انتهى.
وهذا الموضع معروف الآن، ويقال له: «الوتيرين» وهو بناحية ملكان، والله أعلم.
وفيما أشرنا إليه ـ من الأخبار الدالة على اشتراك قريش وكنانة وخزاعة فى الدار ـ: كفاية.
وذكر الإمام أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى ـ عالم مكة، وبلاد الحجاز ـ ما يقتضى: أن خزاعة وكنانة من أهل مكة، ولم يقل ذلك إلا عن يقين من