ودام عجلان على ولاية مكة بمفرده سنة خمس وخمسين وفيما بعدها، كما سيأتى بيانه.
وكان فى سنة خمس وخمسين، عشّر جميع نخل وادى مرّ وقت الصيف، وجعل على كل نخلة أربعة دراهم وثلاثة ودرهمين.
وسبب ذلك: أن المجاهد صاحب اليمن، من وقت رجوعه إلى اليمن بعد القبض عليه بمنى، منع التجار من السفر إلى مكة. فقل ما بيد عجلان، وفعل ما ذكرناه من عشره للنخيل، وحصل له من ذلك مال جزيل، وعنف فى هذه السنة بالأشراف والقواد عنفا عظيما، وأخذ منهم ما كان أعطاهم من الخيول والأموال، وكان أغدق عليهم فى العطاء، بحيث يقال: إنه وهب فى يوم واحد مائة وعشرين فرسا، وألفين ومائتى ناقة، وثلاثمائة ألف درهم وستين ألف درهم.
وفى سنة ست وخمسين وسبعمائة: وصل إليه توقيع بالاستمرار فى الولاية مع الرّجبيّة، فى أول شهر رمضان. فلما كان اليوم الثالث والعشرون منه، وصل الشريف ثقبة وأخواه إلى الجديد، فى ثلاثة وخمسين فرسا، فأقاموا به، وكانوا فرّوا من مصر، ووصلوا إلى وادى نخلة، وليس معهم إلا خمسة أفراس.
وكان عجلان عند وصولهم بخيف بنى شديد، فارتحل إلى مكة وأقام بها. فلما كان ثالث عشر ذى القعدة، نزل ثقبة ومن معه المعابدة، وأقاموا بها محاصرين لعجلان. وجرى فى هذا اليوم بين العبيد بعض قتال، قتل فيه بعض القواد اليواسفة، من أصحاب الشريف ثقبة وعبد له، ثم ارتحل هو ومن معه فى صبيحة يوم الاثنين الرابع والعشرين من ذى القعدة إلى الجديد، وأقاموا به.
فلما كان وقت وصول الحاج، رحلوا إلى ناحية جدّة، وأخذوا الجلاب ودبروا بها. فلما رحل الحاج من مكة، توجهوا بالجلاب ونجلوها، ونزلوا الجديد.
فلما كان يوم التاسع عشر من المحرم سنة سبع وخمسين. اصطلح عجلان وثقبة، واقتسما الإمرة نصفين، وانقسم الأشراف والقواد، وكان مع عجلان خمسون مملوكا، فقسمها بينه وبين أخيه. وكانت ولاية عجلان لمكة بمفرده بعد القبض على أخيه ثقبة، سنتين وخمسين يوما أو نحوها.
فلما كان اليوم الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين. توجه ثقبة من ناحية اليمن إلى مكة وملكها بمفرده، وقطع نداء أخيه عجلان على زمزم، وأقام بمكة إلى الموسم، وعجلان بالجديد.